مراجع في مصطلح الحدبث واللغة العربية

كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس

الثلاثاء، 14 مارس 2017

2.تابع التقييد والايضاح استكمال أول





101 ابن سعيد على ما هو الصحيح عند أهل الحديث انتهى
وقد اعترض عليه بأمرين  أحدهما أن الخليلى والحاكم إنما ذكرا تفرد الثقة فلا يرد عليهما تفرد الحافظ لما بينهما من الفرقان      والأمر الثانى أن حديث النية لم ينفرد عمر به بل رواه أبو سعيد الخدرى وغيره عن النبى  صلى الله عليه وسلم فيما ذكره الدارقطنى وغيره انتهى ما اعترض به عليه      والجواب عن الأول أن الحاكم ذكر تفرد مطلق الثقة والخليلى إنما ذكر مطلق الراوى فيرد على إطلاقهما تفرد العدل الحافظ ولكن الخليلى يجعل تفرد الراوى الثقة شاذا صحيحا وتفرد الراوى غير الثقة شاذا ضعيفا والحاكم ذكر تفرد مطلق الثقة فيدخل فيه تفرد الثقة الحافظ فلذلك استشكله المصنف وعن الثانى أنه لم يصح من حديث أبى سعيد ولا غيره سوى عمر وقد أشار المصنف إلى أنه قد قيل ان له غير طريق عمر بقوله على ما هو الصحيح عند أهل الحديث فلم يبق للاعتراض عليه وجه ثم ان حديث أبى سعيد الذى ذكره هذا المعترض صرحوا بتغليط ابن أبى داود الذى رواه عن مالك      وممن وهمه فى ذلك الدارقطنى وغيره وإذ قد اعترض عليه فى حديث عمر هذا فهلا اعترض عليه فى الحديث الذى بعده فقد ذكر المصنف أنه أوضح فى التفرد من حديث عمر وهو حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر فى النهى عن بيع الولاء وعن هبته كما سيأتى     ومما يستغرب حكايته فى حديث عمر أنى رأيت فى المستخرج من أحاديث الناس لعبد الرحمن بن منده أن حديث الأعمال بالنيات رواه سبعة عشر من الصحابة وأنه رواه عن عمر غير علقمة وعن علقمة غير محمد بن إبراهيم وعن محمد بن إبراهيم غير يحيى
102    ابن سعيد وقد بلغنى أن الحافظ أبا الحجاج المزى سئل عن كلام ابن منده هذا فأنكره واستبعده وقد تتبعت كلام ابن مندة المذكور فوجدت أكثر الصحابة الذين ذكر حديثهم فى الباب انما لهم أحاديث أخرى فى مطلق النية لحديث يبعثون على نياتهم ولحديث لبس له من غزاته الا ما نوى ونحو ذلك وهكذا يفعل الترمذى فى الجامع حيث يقول وفى الباب عن فلان وفلان فانه لا يريد ذلك الحديث المعين وانما يريد أحاديث أخر يصح أن تكتب فى ذلك الباب وان كان حديثا آخر غير الذى يرويه فى أول الباب وهو عمل صحيح إلا أن كثيرا من الناس يفهمون من ذلك أن من سمى من الصحابة يروون ذلك الحديث بعينه الذى رواه فى أول الباب بعينه وليس الأمر على ما فهموه بل قد يكون كذلك وقد يكون حديثا آخر يصح إيراده فى ذلك الباب ثم إنى تتبعت الأحاديث التى ذكرها ابن منده فلم أجد منها بلفظ حديث ابن عمر أو قريبا من لفظه بمعناه الا
103    حديثا لأبى سعيد الخدرى وحديثا لأبى هريرة وحديثا لأنس بن مالك وحديثا لعلى بن أبى طالب وكلها ضعيفة ولذلك قال الحافظ أبو بكر البزار فى مسنده بعد تخريجه لا يصح عن النبى  صلى الله عليه وسلم  الا من حديث عمر ولا عن عمر الا من حديث علقمة ولا عن علقمة إلا من حديث محمد بن إبراهيم ولا عن محمد بن إبراهيم إلا من حديث يحيى بن سعيد والله أعلم      وذكره المصنف بعد هذا فى النوع الحادى والثلاثين ونبسط الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى     قوله وأوضح من ذلك فى ذلك حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبى  صلى الله عليه وسلم  نهى عن بيع الولاء وهبته     تفرد به عبد الله بن دينار وحديث مالك عن الزهرى عن أنس    أن النبى  صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر    تفرد به مالك عن الزهرى فكل هذه مخرجة فى الصحيحين مع أنه ليس لها إلا إسناد واحد انتهى وفيه أمران أحدهما أن الحديث الأول وهو حديث النهى عن بيع الولاء وهبته قد روى من حديث عبد الله بن دينار رواه الترمذى فى كتاب العلل المفرد قال حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبى الشوارب حدثنا يحيى بن سليم عن
104    عبيد الله بن عمر عن نافع عن عمر فذكره ثم قال والصحيح عن عبد الله بن دينار وعبد الله بن دينار قد تفرد بهذا الحديث عن ابن عمر ويحيى بن سليم أخطأ فى حديثه وقال الترمذى أيضا فى الجامع أن يحيى بن سليم وهم فى هذا الحديث قلت وقد ورد من غير رواية يحيى بن سليم عن نافع رواه ابن عدي فى الكامل فقال حدثنا عصمة ابن بجماك البخارى حدثنا إبراهيم بن فهد حدثنا مسلم عن محمد بن دينار عن يونس
105    يعنى ابن عبيد عن نافع عن ابن عمر فذكره أورده فى ترجمه إبراهيم بن فهد ابن حكيم وقال لم أسمعه إلا من عصمة عنه ثم قال وسائر أحاديث إبراهيم بن فهد مناكير وهو مظلم الأمر وحكى أيضا أن ابن صاعد كان إذا حدثنا عنه يقول حدثنا إبراهيم بن حليم ينسبه إلى جده لضعفه انتهى      والجواب عن المصنف أنه لا يصح أيضا إلا من رواية عبد الله بن دينار كما تقدم فى حديث الأعمال بالنيات والله أعلم      والأمر الثانى أن حديث المغفر قد ورد من عدة طرق غير طريق مالك من رواية ابن أخى الزهرى وأبى أويس عبد الله بن عبد الله بن أبى عامر ومعمر والأوزاعى كلهم عن الزهرى فأما رواية أخى الزهرى عنه فرواها أبو بكر البزار فى مسنده وأما رواية أبى أويس فرواها ابن سعد فى الطبقات وابن عدى فى الكامل فى ترجمة أبى أويس وأما رواية معمر فذكرها ابن عدى فى الكامل وأما رواية الأوزاعى فذكرها المزى فى الأطراف وقد بينت ذلك فى شرح الترمذى      وروى ابن مسدى فى معجم شيوخه أن أبا بكر بن العربى قال لأبى جعفر بن المرخى حين ذكر أنه لا يعرف إلا من حديث مالك عن الزهرى قد رويته من ثلاثة عشر طريقا غير طريق مالك فقالوا له أفدنا هذه الفوائد فوعدهم ولم يخرج لهم شيئا ثم تعقب ابن مسدى هذه الحكاية بأن شيخه فيها وهو أبو العباس العشاب كان متعصبا على ابن العربى لكونه كان متعصبا على ابن حزم فالله أعلم
النوع الرابع عشر معرفة المنكر
قوله المنكر ينقسم قسمين على ما ذكرناه في الشاذ فانه بمعناه منال الأول وهو المنفرد المخالف لما رواه الثقات رواية مالك عن الزهرى عن على بن حسين عن عمر
106    ابن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال    لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم    فخالف مالك غيره من الثقات فى قوله عمر بن عثمان بضم العين     وذكر مسلم فى كتاب التمييز أن كل من رواه من أصحاب الزهرى قال فيه عمرو ابن عثمان يعنى بفتح العين إلى آخر كلامه حكم المصنف على حديث مالك هذا بأنه منكر ولم أجد من أطلق عليه اسم النكارة ولا يلزم من تفرد مالك بقوله فى الإسناد عمر أن يكون المتن منكرا فالمتن على كل حال صحيح لأن عمر وعمرا كلاهما ثقة وقد ذكر المصنف مثل ما أشرت إليه فى النوع الثامن عشر أن من أمثلة ما وقفت العلة فى إسناده
107    من غير قدح فى المتن ما رواه الثقة يعلى بن عبيد عن سفيان الثورى عن عمرو بن دينار عن أبى عمر عن النبى  صلى الله عليه وسلم قال    البيعان بالخيار    الحديث قال فهذا إسناد متصل بنقل العدل عن العدل وهو معلل غير صحيح      قال والمتن على كل حال صحيح والعلة فى قوله عن عمرو بن دينار إنما هو عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر هكذا رواه الأئمة من أصحاب سفيان عنه فوهم يعلى ابن عبيد وعدل عن عبد الله بن دينار إلى عمرو بن دينار وكلاهما ثقة انتهى كلامه فجعل الوهم فى الإسناد بذكر ثقة آخر لا يخرج ذلك المتن عن صحيحا فهكذا يجب أن يكون الحكم هنا على أنه قد اختلف على مالك رحمه الله فى قوله وعمر وعمرو فرواه النسائى فى سننه من رواية عبد الله بن المبارك وزيد بن الحباب ومعاوية بن هشام ثلاثتهم عن مالك فقالوا فى روايتهم عمرو بن عثمان كروايه بقية أصحاب الزهرى لكن قال النسائى بعده والصواب من حديث مالك عن عمر بن عثمان قال ولا نعلم أحدا تابع مالكا على قوله عمر بن عثمان انتهى     وقال ابن عبد البر فى التمهيد أن يحيى بن بكير رواه عن مالك على الشك فقال فيه عن عمرو بن عثمان أو عمر بن عثمان قال والثابت عن مالك عمر بن عثمان كما روى يحيى وتابعه القعنبى وأكثر الرواة انتهى
108        وقد خالف مالكا فى ذلك ابن جريج وسفيان بن عيينة وهشيم بن كثير ويونس ابن يزيد ومعمر بن راشد وابن الهاد ومحمد بن أبى حفصة وغيرهم فقالوا عمرو وهو الصواب والله أعلم      وقد رواه سفيان الثورى وشعبة عن عبد الله بن عيسى عن الزهرى فخالفا فيه الفريقين معا فأسقطا منه ذكر عمرو بن عثمان وجعلاه من رواية على بن حسين عن أسامة والصواب رواية الجمهور والله أعلم      وإذا كان هذا الحديث لا يصلح مثالا للمنكر فلنذكر مثالا يصلح لذلك وهو ما رواه أصحاب السنن الأربعة من رواية همام بن يحيى عن ابن جريج عن الزهرى عن أنس قال     كان النبى  صلى الله عليه وسلم  إذا دخل الخلاء وضع خاتمه     قال أبو داود بعد تخريجه هذا حديث منكر      قال وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهرى عن أنس أن    النبى  صلى الله عليه وسلم أخذ خاتما من ورق ثم ألقاه    وقال والوهم فيه من همام ولم يروه إلا همام وقال النسائى أيضا بعد تخريجه هذا حديث غير محفوظ وأما قول الترمذى بعد تخريجه له هذا حديث حسن صحيح غريب فإنه أحرى حكمه على ظاهر الإسناد      وقول أبى داود والنسائى أولى بالصواب إلا أنه قد ورد من غير رواية همام      رواه الحاكم فى المستدرك والبيهقى فى سننه من رواية يحيى بن المتوكل عن ابن جريج وصححه الحاكم على شرط الشيخين وضعفه البيهقى فقال هذا شاهد ضعيف وكان البيهقى ظن أن يحيى بن المتوكل هو أبو عقيل صاحب بهية وهو ضعيف عندهم وليس هو به وإنما هو باهلى يكنى أبا بكر ذكره ابن حيان فى الثقات ولا يقدح فيه قول ابن معين لا أعرفه فقد عرفه غيره وروى عنه نحو من عشرين نفسا إلا انه اشتهر تفرد همام به عن ابن جريج والله أعلم     قوله عقد ذكر أبى زكير يحيى بن محمد بن قيس وهو شيخ صالح أخرج عنه مسلم فى كتابه غير أنه لم يبلغ مبلغ من يحتمل تفرده انتهى
109    ولم يخرج له مسلم احتجاجا وإنما أخرج له فى المتابعات وقد أطلق الأئمة عليه القول بالضعيف فقال يحيى بن معين فيما روى عنه إسحق الكوسج ضعيف وقال أبو حاتم بن حبان لا يحتج به وقال العقيلى لا يتابع على حديثه وأورد له ابن عدى أربعة أحاديث مناكير وأما قول المصنف إنه شيخ صالح فأخذه من كلام أبى يعلى الخليلى فانه كذلك فى كتاب الإرشاد والله أعلم
النوع الخامس عشر معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد
قوله مثال المتابع والشاهد روينا من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو بن ديناد عن عطاء ابن أبى رباح عن ابن عباس أن النبى  صلى الله عليه وسلم قال    لو أخذوا فدبغوه فانتفعوا به    ورواه ابن جريج عن عمر وعن عطاء ولم يذكر فيه الدباغ انتهى     ورواية ابن جريج ليست كرواية ابن عيينة فإن ابن جريج جعله من مسند ميمونة من رواية ابن عباس عنها لا من مسند ابن عباس وقد رواه مسلم على الوجهين معا من طريق ابن عيينة فجعله من مسند ابن عباس ومن طريق ابن جريج فجعله من مسند ميمونة وكلام المصنف يوهم اتفاقهما فى السند وأن الاختلاف الذى
110    بينهما فى ذكر الدباغ وإذ لم يتفق ابن عيينة وابن جريج فى الإسناد فلنذكر مثالا اتفق الراويان له على إسناده وأختلفا فى ذكر الدباغ وهو ما رواه البيهقى من رواية ابراهيم بن نافع الصايغ عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس ولم يذكر الدباغ والله أعلم
111     النوع السادس عشر معرفة زيادات الثقات
قوله مثاله ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر    أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين    فذكر أبو عيسى الترمذى أن مالكا تفرد من بين الثقات بزيادة قوله من المسلمين وروى عبيد الله ابن عمر وأيوب وغيرهما هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر دون هذه الزيادة انتهى
وكلام الترمذى هذا ذكره فى العلل التى فى آخر الجامع ولم يصرح بتفرد مالك بها مطلقا فقال ورب حديث إنما يستغرب لزيادة تكون فى الحديث وإنما يصح إذا كانت
112    الزيادة ممن يعتمد على حفظه مثل ما روى مالك بن أنس فذكر الحديث ثم قال وزاد مالك فى هذا الحديث من المسلمين وروى أيوب وعبيد الله بن عمر وغير واحد من الأئمة هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر ولم يذكروا فيه من المسلمين      وقد روى بعضهم عن نافع مثل رواية مالك ممن لا يعتمد على حفظه انتهى كلام الترمذى فلم يذكر التفرد مطلقا عن مالك وإنما قيده بتفرد الحافظ كمالك ثم صرح بأنه رواه غيره عن نافع ممن لم يعتمد على حفظه فأسقط المصنف آخر كلامه وعلى كل تقدير فلم ينفرد مالك بهذه الزيادة بل تابعه عليها جماعة من الثقات ابنه عمر بن نافع والضحاك ابن عثمان وكثير بن فرقد ويونس بن يزيد والمعلى بن إسمعيل وعبد الله بن عمر العمرى واختلف فى زيادتها على أخيه عبيد الله بن عمر العمرى وعلى أيوب أيضا     فأما رواية ابنه عمر بن نافع فأخرجها البخارى فى صحيحه من رواية إسمعيل بن جعفر عن عمر بن نافع عن ابيه فقال فيه من المسلمين وأما رواية الضحاك بن عثمان
113    فأخرجها مسلم فى صحيحه من رواية ابن أبى فديك أخبرنا الضحاك بن عثمان عن نافع فقال فيه أيضا من المسلمين      وأما رواية كثير بن فرقد فأخرجها الدارقطنى فى سننه والحاكم فى المستدرك من رواية الليث بن سعد عن كثير بن فرقد عن نافع فقال فيها أيضا من المسلمين وقال الحاكم بعد تخريجه هذا حديث صحيح على شرطهما ولم يخرجاه انتهى وكثير بن فرقد احتج به البخارى ووثقه ابن معين وأبو حاتم      أما رواية يونس بن يزيد فأخرجها أبو جعفر الطحاوى فى بيان المشكل من رواية يحيى بن أيوب عن يونس بن يزيد أن نافعا أخبره فذكر فيه أيضا من المسلمين وأما رواية المعلى بن إسمعيل فأخرجها ابن حبان فى صحيحه والدارقطنى فى سننه من رواية أرطاة بن المنذر عن المعلى بن إسمعيل عن نافع فقال فيه عن كل مسلم وأرطاة وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما والمعلى بن إسمعيل قال فيه أبو حاتم الرازى ليس بحديثه بأس صالح الحديث لم يرو عنه غير أرطاة وذكره ابن حبان فى الثقات     وأما رواية عبد الله بن عمر فأخرجها الدارقطنى فى سننه من رواية روح وعبد الوهاب فرقهما كلاهما عن عبد الله بن عمر عن نافع فقال فيه على كل مسلم وقد رواه أبو محمد بن الجارود فى المنتقى فقرن بينه وبين مالك فرواه من طريق ابن وهب قال حدثنى عبد الله بن عمر ومالك وقال فيه من المسلمين وأما الاختلاف فى زيادتها على عبيد الله بن عمر وأيوب فقد ذكرته فى شرح الترمذى والله أعلم
114        قوله ومن أمثلة ذلك حديث جعلت لنا الأرض مسجدا وجعل تربتها لنا طهورا فهذه الزيادة تفرد بها أبو مالك سعد بن طارق الأشجعى وساير الروايات لفظها وجعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا انتهى      وإنما تفرد أبو مالك الأشجعى بذكر تربة الأرض فى حديث حذيفة كما رواه مسلم فى صحيحه من روايه أبى مالك الأشجعى عن ربعى عن حذيفة وقد اعترض على المصنف بأنه يحتمل أن يريد بالتربة الأرض من حيث هى أرض لا التراب فلا يبقى فيه زيادة ولا مخالفة لمن أطلق فى سائر الروايات     والجواب أن فى بعض طرقه التصريح بالتراب كما فى رواية البيهقى وجعل ترابها لنا طهورا ولم يتقدم من المصنف ذكر لحديث حذيفة وإنما أطلق كون هذه اللفظة تفرد بها أبو مالك فلذلك أحببت أن أذكر أنها وردت من رواية غيره من حديث على وذلك فيما رواه أحمد فى مسنده من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن على الأكبر أنه سمع على بن أبى طالب رضى الله عنه يقول قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقول     أعطيت ما لم يعطه أحد من الأنبياء     فذكر الحديث وفيه    وجعل التراب لى طهورا    وهذا إسناد حسن وقد رواه البيهقى أيضا فى سننه من هذا الوجه
115     النوع الثامن عشر معرفة الحديث المعلل
قوله ويسميه أهل الحديث المعلول وذلك منهم ومن الفقهاء فى قولهم فى باب القياس العلة والمعلول مرذول عند أهل العربية واللغة انتهى
116        وقد تبعه عليه الشيخ محيى الدين النووى فقال فى مختصره إنه لحن واعترض عليه بأنه قد حكاه جماعة من أهل اللغة منهم قطرب فيما حكاه اللبلى والجوهرى فى الصحاح والمطرزى فى المغرب انتهى والجواب عن المصنف أنه لا شك فى أنه ضعيف وان حكاه بعض من صنف فى الأفعال كابن القوطية وقد أنكره غير واحد من أهل اللغة كابن سيدة والحريرى وغيرهما      فقال صاحب المحكم واستعمل أبو إسحق لفظه المعلول فى المتقارب من العروض ثم قال والمتكلمون يستعملون لفظة المعلول فى مثل هذا كثيرا قال وبالجملة فلست منها على ثقة ولا ثلج لأن المعروف إنما هو أعله الله فهو معل اللهم إلا أن يكون على ما ذهب سيبويه من قولهم مجنون ومسلول من أنهما جاءا على جننته وسللته وإن لم يستعملا فى الكلام استغنى عنهما بأفعلت     قالوا وإذ قالوا جن وسل فإنما يقولون جعل فيه الجنون والسل كما قالوا وفسل انتهى كلامه وأنكره أيضا الحريرى فى درة الغواص
117        قلت والأحسن أن يقال فيه معل بلام واحدة لا معلل فإن الذى بلامين يستعمله أهل اللغة بمعنى ألهاه بالشئ وشغله به من تعليل الصبى بالطعام وأما بلام واحدة فهو الاكثر فى كلام أهل اللغة وفى عبارة أهل الحديث أيضا لأن أكثر عبارات أهل الحديث فى الفعل أن يقولوا أعله فلان بكذا وقياسه معل وتقدم قول صاحب المحكم أن المعروف إنما هو أعله الله فهو معل وقال الجوهرى لا أعلك الله أى لا أصابك بعلة انتهى     والتعبير بالمعلول موجود فى كلام كثير من أهل الحديث فى كلام الترمذى فى
118    جامعه وفى كلام الدارقطنى وأبى أحمد بن عدى وأبى عبد الله الحاكم وأبى يعلى الخليلى ورواه الحاكم فى التاريخ وفى علوم الحديث أيضا عن البخارى فى قصة مسلم مع البخارى وسؤاله عن حديث ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة مرفوعا من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه الحديث فقال البخارى هذا حديث مليح ولا أعلم فى الدنيا فى هذا الباب غير هذا الحديث الواحد إلا أنه معلول حدثنا به موسى بن إسمعيل حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن عون بن عبد الله قوله قال البخارى هذا أولى فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماعا من سهيل فقام إليه مسلم وقبيل يده قلت هكذا أعل الحاكم فى علومه هذا الحديث بهذه الحكاية والغالب على الظن عدم صحتها وأنا أتهم بها أحمد بن حمدون القصار راويها عن مسلم فقد تكلم فيه وهذا الحديث قد صححه الترمذى وابن حبان والحاكم ويبعد أن البخارى يقول إنه لا يعلم فى الدنيا فى هذا الباب غير هذا الحديث مع أنه قد ورد من حديث جماعة من الصحابة غير أبى هريرة وهم أبو برزة الأسلمى ورافع بن خديج وجبير بن مطعم والزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وأنس بن مالك والسائب بن يزيد وعائشة وقد بينت هذه الطرق كلها فى تخريج أحاديث الإحياء للغزالى والله أعلم     قوله ومثال العلة فى المتن ما انفرد مسلم بإخراجه من حديث أنس من اللفظ
119        المصرح بنفى قراءة بسم الله الرحمن الرحيم فعلل قوم رواية اللفظ المذكور لما رأوا الأكثرين إنما قالوا فيه فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين من غير تعرض لذكر البسملة إلى آخر كلامه وربما يعترض معترض على المصنف بأنك قدمت أن ما أخرجه أحد الشيخين البخارى أو مسلم مقطوع بصحته فكيف يضعف هذا وهو فيما أودعه مسلم كتابه وأيضا فلم تعين من أعله حتى ينظر محله من العلم وما حكيته عن قوم لم تسمهم أنهم أعلوه معارض بقول أبى الفرج بن الجوزى فى التحقيق عقب حديث أنس هذا أن الأيمة أتفقوا على صحته والجواب عن ذلك أن المصنف لما قدم إنما أخرجه أحد الشيخين مقطوع بصحته قال سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطنى وغيره انتهى كلام المصنف فقد استثنى أحرفا يسيرة وهذا منها وقد اعله جماعة من الحفاظ الشافعى والدارقطنى وابن عبد البر رحمهم الله ولنذكر كلامهم فى ذلك ليتضح ما أعلوه به فأما كلام الشافعى رحمه الله فقد ذكره عنه البيهقى فى كتاب معرفة السنن والآثار وأنه قاله فى سنن حرملة جوابا لسؤال أورده وصورة السؤال فإن قال قائل قد روى مالك عن حميد عن أنس قال صليت وراء أبى بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم قال قال الشافعى قل له خالفه سفيان بن عيينة والقفزارى والثقفى وعدد لقيتهم سبعة أو ثمانية مؤمنين مخالفين له قال والعدد الكثير أولى بالحفظ من واحد ثم رجح روايتهم بما رواه عن سفيان عن أيوب عن قتادة عن أنس قال    كان النبى  صلى الله عليه وسلم  وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين    قال الشافعى يعنى يبدأون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها ولا يعنى أنهم يتركون بسم الله الرحمن الرحيم      وحكى الترمذى فى جامعه عن الشافعى قال إنما معنى هذا الحديث أن النبى  صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين معناه أنهم كانوا يبتدئون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة وليس معناه أنهم كانوا لا يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم انتهى     وما أوله به الشافعى مصرح به فى رواية الدارقطنى فكانوا يستفتحون بأم القرآن
120    فيما يجهر به قال الدارقطنى هذا صحيح وقال الدارقطنى أيضا إن المحفوظ عن قتادة وغيره عن أنس أنهم كانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين ليس فيه تعرض لنفى البسملة وكذا قال البيهقى إن أكثر أصحاب قتادة رووه عن قتادة كذلك قال وهكذا رواه اسحق بن عبد الله بن أبى طلحة وثابت البنانى عن أنس انتهى      وأما تضعيف ابن عبد البر له بالاضطراب فإنه قال فى كتاب الاستذكار اختلف عليهم فى لفظه اختلافا كثيرا مضطربا متدافعا منهم من يقول صليت خلف رسول الله  صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر ومنهم من يذكر عثمان ومن لا يذكر فكانوا لا يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم ومنهم من قال فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم وقال كثير منهم كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين وقال بعضهم فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم وقال بعضهم كانوا يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم قال وهذا اضطراب لا تقوم معه حجة لأحد من الفقهاء الذين يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم والذين لا يقرأونها وقال ابن عبد البر أيضا فى كتاب الإنصاف فى البسملة بعد أن رواه من رواية أيوب وشعبة وهشام الدستوائى وشيبان بن عبد الرحمن وسعيد بن أبى عروبة وأبى عوانة فهؤلاء حفاظ أصحاب قتادة ليس فى روايتهم لهذا الحديث ما يوجب سقوط بسم الله الرحمن الرحيم من أول فاتحة الكتاب أنتهى     فهذا كلام أئمة الحديث فى تعليل هذا الحديث فكيف يقول ابن الجوزى إن الأئمة اتفقوا على صحته أفلا يقدح كلام هؤلاء فى الاتفاق الذى نقله وقد رأيت أن أبين علل الرواية التى فيها نفى البسملة من حيث صيغة الإسناد فأقول قد ذكر ترك البسملة فى حديث أنس من ثلاثة طرق وهى رواية حميد عن أنس ورواية قتادة عن أنس ورواية اسحق بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس فأما رواية حميد فقد تقدم أن مالكا رواها فى الموطأ عنه وأن الشافعى رضى الله عنه تكلم فيها لمخالفة سبعة أو ثمانية من شيوخه فى ذلك وأيضا فقد ذكر ابن عبد البر فى كتاب الإنصاف ما يقتضى انقطاعه بين حميد وأنس فقال ويقولون إن أكثر رواية حميد عن أنس أنه سمعها من قتادة عن أنس
121        وقد ورد التصريح بذكر قتادة بينهما فيما رواه ابن أبى عدى عن حميد عن قتادة عن أنس فآلت رواية حميد إلى رواية قتادة وأما رواية مسلم فى صحيحه من رواية الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعى عن قتادة أنه كتب إليه يخبره عن أنس بن مالك أنه حدثه قال صليت خلف النبى  صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم فى أول قراءة ولا فى آخرها فقد بين الأوزاعى فى روايته أنه لم يسمعه من قتادة وإنما كتب إليه به والخلاف فى صحة الرواية بالكتابة معروف وعلى تقدير صحتها فأصحاب قتادة الذين سمعوه منهم أيوب وأبو عوانة وغيرهما لم يتعرضوا لنفى البسملة كما تقدم وأيضا ففى طريق مسلم الوليد ابن مسلم وهو مدلس وإن كان قد صرح بسماعه من الأوزاعى فإنه يدلس تدليس التسوية أى يسقط شيخ شيخه الضعيف كما تقدم نقله عنه نعم لمسلم من رواية شعبة عن قتادة عن أنس فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ولا يلزم من نفى السماع عدم الوقوع بخلاف الرواية المتقدمة     وأما رواية إسحق بن عبد الله بن أبى طلحة فهى عند مسلم أيضا ولم يسبق لفظها وإنما ذكرها بعد رواية الأوزاعى عن قتادة عن انس فقال حدثنا محمد بن مهران حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعى أخبرنى إسحق بن عبد الله بن أبى طلحة أنه سمع أنس بن مالك يذكر ذلك فاقتضى أيراد مسلم لهذه الرواية أن لفظها مثل الرواية التى قبلها وليس كذلك فقد رواها ابن عبد البر فى كتاب الانصاف من رواية محمد بن كثير قال حدثنا الأوزاعى فذكرها بلفظ كانوا يفتتحون القراءة بالحمد رب العالمين ليس فيها تعرض لنفى البسملة موافقا لرواية الأكثرين وهذا موافق لما قدمنا نقله عن البيهقى من أن رواية إسحق بن عبد الله عن أنس لهذا الحديث كرواية أكثر أصحاب قتادة أنه ليس فيها تعرض لنفى البسملة فقد اتفق ابن عبد البر والبيهقى على مخالفة رواية اسحق للرواية التى فيها نفي البسملة وعلى هذا فما فعله مسلم رحمه الله هنا ليس بجيد لأنه أحال بحديث على آخر وهو مخالف له بلفظ فذكر ذلك لم يقل نحو ذلك ولا غيره فإن كانت الرواية التى وقعت لمسلم لفظها كالتى قبلها التى احال عليها فترجح رواية بن عبد البر عليها لأن رواية مسلم من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعى معنعنا ورواية
122    ابن عبد البر من طريق محمد بن كثير حدثنا الأوزاعى وصرح بلفظ الرواية فهى أولى بالصحة ممن اتهم اللفظ وفى طريقه مدلس عنعنه والله أعلم      قوله وأنضم إلى ذلك أمور منها أنه ثبت عن أنس أنه سئل عن الافتتاح بالتسمية فذكر أنه لا يحفظ فيه شيئا عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  انتهى      وقد اعترض ابن عبد البر فى الإنصاف على هذا الحديث بأن قال من حفظه عنه حجة على من سأله فى حال نسيانه واعترض ابن الجوزى فى التحقيق على هذا الحديث بأنه ليس فى الصحاح فلا يعارض ما فى الصحاح انتهى      والجواب عن الأول ما أجاب به أبو شامة فى تصنيفه فى البسملة بأنهما مسألتان فسؤال قتادة عن الاستفتاح بأى سورة وفى صحيح مسلم أن قتادة قال نحن سألناه عنه قال أبو شامة وسؤال أبى مسلمة لأنس وهو هذا السؤال الأخير عن البسملة وتركها انتهى     ولو تمسكنا بما اعترض به ابن عبد البر من أن من حفظه عنه حجة على من سأله فى حالة نسيانه لقلنا قد حفظ عنه قتادة وصفه لقراءة رسول الله  صلى الله عليه وسلم البسملة كما رواه البخارى فى صحيحه من طريقين عن قتادة عن أنس قال سئل أنس
123    ابن مالك كيف كانت قراءة رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال كانت مدا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد    بسم الله ويمد الرحمن يمد الرحيم    وهذا إسناد لا شك فى صحته      وقال الدارقطنى بعد تخريجه هذا حديث صحيح وكلهم ثقات وقال الحازمى هذا حديث صحيح لا يعرف له علة وفيه دلالة على الجهر مطلقا وإن لم يقيد بحالة الصلاة فيتناول الصلاة وغير الصلاة قال أبو شامة وتقرير هذا أن يقال لو كانت قراءة رسول الله  صلى الله عليه وسلم  تختلف فى الصلاة وخارج الصلاة لقال أنس لمن سأله عن أى قراءتيه لسأل عن التى فى الصلاة أم التى خارج الصلاة فلما أجاب مطلقا علم أن الحال لم يختلف فى ذلك وحيث أجاب بالبسملة دون غيرها من آيات القرآن دل على أن النبى  صلى الله عليه وسلم  كان يجهر بالبسملة فى قراءته ولولا ذلك كان أنس أجاب الحمد لله رب العالمين أو غيرها من الآيات قال وهذا واضح      قال ولنا أن نقول الظاهر أن السؤال لم يكن إلا عن قراءته فى الصلاة فإن الراوى قتادة وهو راوى حديث أنس ذاك وقال فيه نحن سألناه عنه انتهى      ولم تختلف على قتادة فى حديث البخارى هذا بخلاف حديث مسلم فاختلف فيه عليه كما بيناه وما لم يختلف فيه أولى عند الترجيح بحصول الضبط فيه والله أعلم      والجواب عن الثانى وهو قول ابن الجوزى ليس فى الصحاح أنه إن كان المراد أنه ليس فى واحد من الصحيحين فهو كما ذكر ليس فى واحد منهما ولكن لا يلزم من كونه ليس فى واحد من الصحيحين أن لا يكون صحيحا لأنهما لم يستوعبا إخراج الصحيح فى كتابيهما وإن أراد ليس فى كتاب التزم مخرجه الصحة فليس بجيد فقد أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه من رواية أبى مسلمة سعيد بن يزيد قال سألت أنس بن مالك أكان رسول الله  صلى الله عليه وسلم يستفتح بالحمد لله رب العالمين أو بسم الله الرحمن الرحيم فقال إنك لتسألنى عن شيء ما أحفظه وما سألنى عنه أحد قبلك      وقال الدارقطنى بعد تخريجه هذا إسناد صحيح قال البيهقى فى المعرفة فى هذا دلالة على أن مقصود أنس ما ذكره الشافعى انتهى     وإن أراد ابن الجوزى بقوله إنه ليس فى الصحاح أى ليس فى أحد الصحيحين
124    فلا يكون فيه قوة المعارضة لما فى أحد الصحيحين وإن كان أيضا صحيحا فى نفسه لأنه يرجح عند التعارض بالأصح منهما فيقدم ما فى الصحيحين      والجواب عن هذا إن كان اراده من وجهين أحدهما أن هذا إذا اتضحت المعارضة ولم يمكن الجمع فاما مع إمكان الجمع فلا يهمل واحد من الحديثين الصحيحين وقد تقدم حمل من حمله من الحفاظ على أن المراد بحديث الصحيحين الابتداء بالفاتحة لا نفى البسملة وبه يصح الجمع والوجه الثانى إنه إنما يرجح بما فى أحد الصحيحين على ما فى غيرهما من الصحيح حيث كان ذلك الصحيح مما لم يضعفه الأئمة فأما ما ضعفوه كهذا الحديث فلا يقدم على غيره لخطإ وقع من بعض والله أعلم      قوله حكاية عن بعضهم ومن أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول انتهى      أبهم المصنف قائل ذلك وهو الحافظ أبو يعلى الخليلى فقال فى كتاب الإرشاد إن الاحاديث على أقسام كثيرة صحيح متفق عليه وصحيح معلول وصحيح مختلف فيه إلى آخر كلامه
النوع التاسع عشر معرفة المضطرب
قوله ومن أمثلته ما رويناه عن إسمعيل بن أمية عن أبى عمر بن محمد بن حريث
125    عن جده حريث عن أبى هريرة    عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم فى المصلى إذا لم يجد عصا ينصبها بين يديه فليخط خطا    فرواه بشر بن المفضل وروح بن القاسم بن إسمعيل هكذا ورواه سفيان الثورى عنه عن أبى عمرو بن حريث من أبيه عن أبى هريرة ورواه حميد بن الأسود عن إسمعيل عن أبى عمرو بن محمد بن حريث بن سليم عن أبيه عن أبى هريرة ورواه وهيب وعبد الوارث عن إسمعيل عن أبى عمرو بن حريث عن جده حريث      وقال عبد الرزاق عن ابن جريج سمع إسمعيل عن حريث بن عمار عن أبى هريرة وفيه من الاضطراب أكثر مما ذكرناه انتهى      وفيه أمور أحدها أنه قد اعترض عليه بأنه ذكر أولا أنه إنما يسمى مضطربا إذا تساوت الروايتان فأما إذا ترجحت إحداهما فلا يسمى مضطربا وهذا قد رواه الثورى وهو أحفظ من ذكرهم فينبغى أن ترجح روايته على غيرها ولا تسميه مضطربا وأيضا فإن الحاكم وغيره صحح الحديث المذكور     والجواب أن الوجوه التى يرجح بها متعارضة فى هذا الحديث فسفيان الثورى وان كان أحفظ من سماه المصنف فإنه انفرد بقوله أبى عمرو بن حريث عن أبيه وأكثر الرواة يقولون عن جده وهم بشر بن المفضل وروح بن القاسم ووهيب بن خالد وعبد الوارث
126    ابن سعيد وهؤلاء من ثقات البصريين وأثبتهم ووافقهم على ذلك من حفاظ الكوفيين سفيان بن عيينة وقولهم أرجح لوجهين أحدهما الكثرة والثانى أن إسمعيل بن أمية مكى وابن عيينة كان مقيما بمكة ومما يرجح به كون الراوى عنه من أهل بلده وبكثرة الرواة أيضا وخالف الكل ابن جريج وهو مكى أيضا ومولى آل خالد بن سعيد الأموى وإسمعيل بن أمية هو ابن عمرو بن سعيد الأموى المذكور فيقتضى ذلك ترجيح روايته فتعارضت حينئذ الوجوه المقتضية للترجيح وانضم إلى ذلك جهالة راوى الحديث وهو شيخ إسمعيل بن أمية فإنه لم يرو عنه فيما علمت غير إسمعيل بن أمية مع هذا الاختلاف فى اسمه واسم أبيه وهل يرويه عن أبيه أو عن جده أو هو نفسه عن أبى هريرة وقد حكى أبو داود فى سننه تضعيفه عن ابن عيينة فقال قال سفيان لم نجد شيئا نشد به هذا الحديث ولم يجئ إلا من هذا الوجه وقد ضعفه أيضا الشافعى والبيهقى      وقول من ضعفه أولى بالحق من تصحيح الحاكم له مع هذا الاضطراب والجهالة براويه والله أعلم      وقد ذكره النووى فى الخلاصة فى فصل الضعيف وقال قال الحفاظ هو ضعيف لاضطرابه     الأمر الثانى أن قول المصنف فى رواية حميد بن الأسود عن أبيه فيه نظر والذى قاله حميد عن جده كما رواه ابن ماجه فى سننه قال حدثنا بكر بن خلف أبو بشر قال حدثنا حميد بن الأسود وحدثنا عمار بن خالد حدثنا سفيان بن عيينة عن إسمعيل بن أمية عن أبى عمرو بن محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث بن سليم عن أبى هريرة فذكره ولكن المصنف اعتمد على رواية البيهقى فإنه فيها من رواية حميد عن إسمعيل عن أبى عمرو بن محمد بن حريث عن أبيه عن أبى هريرة فأما أن يكون قد اختلف فيه على حميد بن الأسود فى قوله عن أبيه أو عن جده أو يكون ابن ماجه قد حمل رواية حميد ابن الأسود على رواية سفيان بن عيينة ولم يبين الاختلاف الذى بينهما كما يقع فى الأسانيد علي أنه قد اختلف فيه أيضا على ابن عيينة كما سيأتى فى الأمر الذى يليه
127    الأمر الثالث المصنف أشار إلى غير ذلك من الاضطراب فرأيت أن اذكر ما رأيت فيه من الاختلاف مما لم يذكره المصنف وقد رواه أيضا عن إسمعيل بن أمية سفيان بن عيينة وذواد بن علبة فأما سفيان بن عيينة فاختلف عليه فيه فرواه محمد بن سلام البيكى عن سفيان بن عيينة كرواية بشر وروح المتقدمة وهكذا رواه على بن المدينى عنه فيما رواه البخارى فى غير الصحيح عن ابن المدينى واختلف فيه على بن المدينى كما سيأتى ورواه مسدد عن سفيان كرواية سفيان الثورى المتقدمة ورواه الشافعى والحميدى عن ابن عيينة عن إسمعيل عن أبى محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث العذرى      ورواه عمار بن خالد عن ابن عيينة فقال عن أبى عمرو محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث بن سليم رواه ابن ماجه عن عمارة وقد نقدم وأما الاختلاف على ابن المدينى فيه فرواه البخارى فى غير الصحيح عنه عن ابن عيينة كما تقدم ورواه أبو داود فى سننه عن محمد بن يحيى بن فارس عن ابن المدينى عن ابن عيينة عن اسمعيل عن أبى محمد ابن عمرو بن حريث عن جده حريث رجل من بنى عذرة وأما ذواد بن علبة فقال عن إسمعيل بن أمية عن أبى عمرو بن محمد عن جده حريث بن سليمان وقال أبو زرعة الدمشقى لا نعلم أحدا بينه ونسبه غير ذواد بن علبة انتهى      قلت وقد نسبه ابن عيينة أيضا فى رواية ابن ماجه إلا أنه قال ابن سليم كما تقدم والله أعلم
النوع العشرون معرفة المدرج
قوله وهو أقسام منها ما ادرج فى حديث رسول الله  صلى الله عليه وسلم من كلام بعض رواته بأن يذكر الصحابى أو من بعده عقيب ما يرويه من الحديث كلاما من عند
128    نفسه إلى آخر كلامه
هكذا اقتصر المصنف فى هذا فى هذا القسم من المدرج على كونه عقب الحديث وقد ذكر الخطيب فى بعض المدرجات ما ذكر فى أول الحديث أو فى وسطه فمثال المدرج فى أوله ما رواه الخطيب باسناده من رواية أبى قطن وشبابه فرقهما عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبى هريرة قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم     أسبغوا الوضوء ويل للاعقاب من النار        قال الخطيب وهم أبو قطن عمرو بن هيثم وشبابة بن سوار فى روايتهما هذا الحديث عن شعبة على ما سقناه وذلك أن قوله اسبغوا الوضوء كلام أبى هريرة وقوله ويل للاعقاب من النار من كلام النبى  صلى الله عليه وسلم      قال وقد رواه أبو داود الطيالسى وذهب ابن جرير وآدم بن أبى إياس وعاصم بن على وعلى بن الجعد وغندر وهشيم ويزيد بن زريع والنضر بن شميل ووكيع وعيسى بن يونس ومعاذ بن معاذ كلهم عن شعبة وجعلوا الكلام الأول من قول أبى هريرة والكلام الثانى مرفوعا قلت وهكذا رواه البخارى فى صحيحه عن آدم بن أبى أياس عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبى هريرة قال اسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم  صلى الله عليه وسلم
130    قال ويل للاعقاب من النار ومثال المدرج فى وسطه ما رواه الدارقطنى فى سننه من رواية عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة بنت صفوان قالت سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم     يقول من مس ذكره أو انثييه أو رفعه فليتوضأ        قال الدارقطنى كذا رواه عبد الحميد عن هشام ووهما فى ذكر الأنثيين والرفع وإدراجه ذلك فى حديث بسرة قال والمحفوظ أن ذلك من قول عروة غير مرفوع قال وكذلك رواه الثقات عن هشام منهم أيوب السخستيانى وحماد بن زيد وغيرهما ثم رواه من رواية أيوب ففصل قول عروة من المرفوع وقال الخطيب فى كتابه المذكور تفرد عبد الحميد بذكر الانثيين والرفعين وليس من كلام رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وإنما هو من قول أبى عروة فأدرجه الراوى فى متن الحديث وقد بين ذلك حماد وأيوب قلت ولم ينفرد به عبد الحميد كما قال الخطيب فقد رواه الطبرانى فى المعجم الكبير من رواية يزيد بن زريع عن أيوب عن هشام بلفظ إذا أمس أحدكم ذكره أو انثييه أو رفعه فيتوضأ وزاد الدارقطنى فيه أيضا ذكر الأنثيين من رواية ابن جريج عن هشام عن أبيه عن مروان بن الحكم عن بسرة وقد ضعف بن دقيق العيد فى الاقتراح الحكم بالادراج على ما وقع فى أثناء لفظ الرسول  صلى الله عليه وسلم معطوفا بواو العطف والله أعلم
النوع الحادى والعشرون معرفة الموضوع
قوله اعلم أن الحديث الموضوع شر الأحاديث الضعيفة انتهى
131        وقد تقدم قول المصنف إن ما عدمت فيه صفات القبول فهو أرذل الأقسام والصواب ما ذكره هنا أن الموضوع شرها وتقدم التنبيه على ذلك      قوله وإنما يعرف كون الحديث موضوعا بإقرار واضعه أو ما يتنزل منزلة اقراره انتهى     وقد استشكل الشيخ تقى الدين بن دقيق العيد الحكم على الحديث بالوضع بإقرار من ادعى أنه وضعه لأن فيه عملا فقوله بعد اعترافه على نفسه بالوضع فقال فى الاقتراح هذا كاف فى رده لكن ليس بقاطع فى كونه موضوعا لجواز أن يكذب فى هذا الاقرار بعينه انتهى
132        وقول الشيخ أو ما يتنزل منزله إقراره هو كان يحدث بحديث عن شيخ ثم يسأل عن مولده فيذكر تاريخا يعلم وفاة ذلك الشيخ قبله ولا يوجد ذلك الحديث الا عنده فهذا لم يعترف بوضعه ولكن اعترافه بوقت مولده يتنزل منزلة إقراره بالوضع لأن ذلك الحديث لا يعرف إلا عند ذلك الشيخ ولا يعرف إلا برواية هذا الذى حدث به والله أعلم      قوله وربما غلط غالط فوقع فى شبه الوضع كما وقع لثابت بن موسى الزاهد فى حديث من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار انتهى     هذا الحديث أخرجه ابن ماجه فى سننه عن إسمعيل بن محمد الطلحى عن ثابت ابن موسى الزاهد عن شريك عن الأعمش عن أبى سفيان عن جابر مرفوعا من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار والغلط الذى أشار المصنف هو ما ذكره الحاكم قال دخل ثابت بن موسى على شريك بن عبد الله القاضى والمستملى بين يديه وشريك يقول حدثنا الأعمش عن أبى سفيان عن جابر قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم ولم يذكر المتن فلما نظر إلى ثابت بن موسى قال    من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار    وإنما اراد ثابتا لزهده وورعه فظن ثابت أنه روى هذا الحديث مرفوعا بهذا الإسناد فكان ثابت يتحدث به عن شريك وقال أبو حاتم بن حبان فى تاريخ الضعفاء هذا قول شريك قاله عقيب حديث الأعمش عن أبى سفيان عن جابر يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم
133    فأدرجه ثابت فى الخبر وسرقه منه جماعة ضعفاء وحدثوا به عن شريك فجعله ابن حبان من نوع المدرج وقد اعترض بعض المتأخرين على المصنف بأنه وجد الحديث من غير رواية ثابت ابن موسى فذكر من معجم ابن جميع قال حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الرقي حدثنا أبو الحسن محمد بن هشام بن الوليد حدثنا جبارة بن المغلس عن كثير بن سليم عن أنس بالحديث مرفوعا انتهى      وهذا الاعتراض عجيب فإن المصنف لم يقل إنه لم يرو إلا من طريق ثابت ومع ذلك فهذا الطريق التى اعترض بها هذا المعترض أضعف من طريق ثابت بن موسى لضعف كل من كثير بن سليم وجبارة بن المغلس وبدء أمر هذا الحديث قصة ثابت مع شريك وقد سرقه جماعة من الضعفاء فحدث به بعضهم عن شريط وبعضهم جعل له إسنادا آخر كذا الحديث قال العقيلى فى الضعفاء فى ترجمة ثابت بن موسى حديث باطل لا أصل له ولا يتابعه عليه ثقة وقال ابن عدى فى الكامل حديث منكر لا يعرف إلا بثابت      وسرقه منه من الضعفاء عبد الحميد بن بحير وعبد الله بن شبرمه الشريكى وإسحق ابن بسر الكاهلى وموسى بن محمد أبو الطاهر المقدسى      قال وحدثنا بعض الضعفاء عن رحمويه وكذب فإن رحمويه ثقة انتهى      ولو اعترض هذا المعترض بواحد من هؤلاء الذين تابعوا ثابت بن موسى عليه كان أقل خطأ من اعتراضه بطريق جبارة والحديث له طرق كثير جمعها أبو الفرج بن الجوزى فى كتاب العلل المتناهية وبين ضعفها والله أعلم     وقول المصنف فى هذا الحديث أنه شبه الوضع حسن إذ لم يضعه ثابت بن موسى وإن كان ابن معين قد قال فيه أنه كذاب نعم بقية الطريق التى سرقها من سرقها موضوعة ولذلك جزم أبو حاتم الرازى بأنه موضوع فيما حكاه ابنه أبو محمد فى العلل والله أعلم
134       قوله وهكذا حال الحديث الطويل الذى يروى عن أبى بن كعب عن النبى  صلى الله عليه وسلم فى فضل القرآن سورة سورة بحث باحث عن مخرجه حتى انتهى إلى من اعترف بأنه وجماعة وضعوه انتهى ابهم المصنف ذكر هذا الباحث الذى بحث عن هذا الحديث وهو مؤمل بن إسمعيل فروينا عن مؤمل أنه قال حدثنى شيخ بهذا الحديث فقلت للشيخ من حدثك فقال حدثنى رجل بالمداين وهو حى فسرت إليه فقلت من حدثك فقال حدثنى شيخ بواسط وهو حى فصرت إليه فقال حدثنى شيخ بالبصرة فصرت إليه فقال حدثنى شيخ بعبادان فصرت إليه فأخذ بيدى فأدخلنى بيتا فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ فقال هذا الشيخ حدثنى فقلت يا شيخ من حدثك فقال لم يحدثنى أحد ولكننا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن
136     النوع الثالث والعشرون فى معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته
قوله أجمع جماهير ائمة الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلا ضابطا لما يرويه وتفصيله أن يكون مسلما بالغا عاقلا سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة إلى آخر كلامه وقد اعترض عليه بأن المروءة لم يشترطها إلا الشافعى وأصحابه وليس على ما ذ كره المعترض بل الذين لم يشترطوا على الإسلام مزيدا لم يشترطوا ثبوت العدالة ظاهرا بل اكتفوا بعدم ثبوت ما ينافى العدالة فمن ظهر منه ما ينافى العدالة
137    لم يقبلوا شهادته ولا روايته وأما من اشترط العدالة وهم أكثر العلماء فاشترطوا فى العدالة المروءة ولم يختلف قول مالك وأصحابه فى اشتراط المروءة فى العدالة مطلقا وإنما تفترق العدالة فى الشهادة والعدالة فى الرواية فى اشتراط الحرية فإنها ليست شرطا فى عدالة الرواية بلا خلاف بين أهل العلم كما حكاه الخطيب فى الكفاية وهى شرط فى عدالة الشهادة عند أكثر أهل العلم وقد ذكر القاضى أبو بكر الباقلانى أن هذا مما تفترق فيه الشهادة والرواية وتفترقان أيضا على قول فى البلوغ فإن شهادة الصبى المميز غير مقبولة عند أصحاب الشافعى والجمهور وأما خبره فاختلف تصحيح المتأخرين فى مواضع فحكى النووى فى شرح المهذب عن الجمهور قبول أخبار الصبى المميز فيما طريقة المشاهدة بخلاف ما طريقه النقل كالافتاء ورواية الأخبار ونحوه وقد سبقه إلى ذلك المتولى فتبعه عليه     وحكى الرافعى فى استقبال القبلة عن الأكثرين عدم القبول وجعل الخلاف أيضا فى المميز ولكنه قيد الخلاف فى التيمم بالمراهق وصحح أيضا عدم القبول وتبعه عليه النووى والله تعالى أعلم
138        قوله وتوسع ابن عبد البر الحافظ فى هذا فقال كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل محمول فى أمره أبدا على العدالة حتى يتبين جرحه لقوله  صلى الله عليه وسلم     يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله    وفيما قاله اتساع غير مرض انتهى      فقوله يحمل حكى فيه الرافع على الخبر والجزم على إرادة لام الأمر وعلى تقدير كونه مرفوعا فهو خبر أريد به الأمر بدليل ما رواه أبو محمد بن أبى حاتم فى مقدمة كتاب الجرح والتعديل فى بعض طرق هذا الحديث ليحمل هذا العلم بلام الأمر على أنه ولو لم يرد ما يخلصه للأمر لما جاز حمله على الخبر لوجود جماعة من أهل العلم غير ثقات ولا يجوز الحلف فى خبر الصادق فيعين حمله على الأمر على تقدير صحه وهذا مما يوهن استدلال ابن عبد البر به لأنه إذا كان الأمر فلا حجة فيه     ومع هذا فالحديث أيضا غير صحيح لأن أشهر طرق الحديث رواية معان بن رفاعة السلامى عن إبراهيم بن عبد الرحمن عن النبى  صلى الله عليه وسلم هكذا رواه بن أبى حاتم فى مقدمة الجرح والتعديل وابن عدى فى مقدمة الكامل والعقيلى فى تاريخ الضعفاء فى ترجمه معان بن رفاعة وقال إنه لا يعرف إلا به انتهى
139        وهذا اما مرسل أو معضل وإبراهيم هذا الذى أرسله لا يعرف شئ من العلم غير هذا قاله أبو الحسن فى ابن القطان فى بيان الوهم والايهام قال ابن عدى ورواه الثقات عن الوليد بن مسلم عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذرى قال حدثنا الثقة من أصحابنا أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال ذلك انتهى      ومعان أيضا ضعفه ابن معين وأبو حاتم الرازى والجوزجانى وابن حبان وابن عدى نعم وثقه على بن المدينى وكذلك حكى عن أحمد توثيقه والحكم بصحة الحديث فيما ذكره الخلال فى العلل أن أحمد سئل عن هذا الحديث فقيل له كأنه كلام موضوع فقال لا هو صحيح فقيل له ممن سمعته قال من غير واحد قيل له من هم قال حدثنى به مسكين إلا أنه يقول عن معان عن القاسم بن عبد الرحمن قال أحمد ومعان لا بأس به قال ابن القطان وخفى على أحمد من امره ما علمه غيره ثم ذكر أقوال المضعفين له وقد روى هذا الحديث متصلا من رواية جماعة من الصحابة على بن أبى طالب وابن عمر وأبى هريرة وعبد الله بن عمرو وجابر بن سمرة وأبى أمامة وكلها ضعيفة لا يثبت منها شيء وليس فيها شئ يقوى المرسل المذكور والله أعلم     وممن تبع ابن عبد البر على اختيار ذلك من المتأخرين أبو عبد الله أبو بكر بن المواق فقال فى كتابه بغية النقاد أهل العلم محمولون على العدالة حتى يظهر منهم خلاف ذلك ومما يستغرب فى ضبط هذا الحديث أن ابن الصلاح حكى فى فوائد الرحلة له أنه وجد بنيسابور فى كتاب يشتمل على مناقب بن كرام جمع محمد بن الهيصم قال فيه سمعت الشيخ أبا جعفر محمد بن أحمد بن جعفر يقول سمعت أبا عمر ومحمد بن أحمد التميمى يروى هذا الحديث بإسناده فيضم الياء من قوله يحمل على أنه فعل لم يسم فاعله ويرفع الميم من العلم ويقول من كل خلف عدولة مفتوح العين واللام وبالتاء ومعناه أن الخلف هو العدالة بمعنى أنه عادل كما يقال شكور بمعنى شاكر ويكون الهاء للمبالغة كما يقال رجل صرورة والمعنى أن العلم يحمل عن كل خلف كامل فى عدالته وأما أبو بكر المفيد فإنى قد حفظت عنه يجعل مفتوح الفاء من كل خلف عدوله مضموم العين واللام مرفوعا هكذا نقلته من خط ابن الصلاح فى رحلته
140    قوله وأما الجرح فإنه لا يقبل إلا مفسرا مبين السبب إلى آخر كلامه ثم قال وهذا ظاهر مقرر فى الفقه وأصوله انتهى     وقد حكى القاضى أبو بكر عن الجمهور قبول جرح أهل العلم بهذا الشأن من غير بيان واختاره إمام الحرمين وأبو بكر الخطيب والغزالى وابن الخطيب كما سيأتى فى الجملة التى تلى هذه والله أعلم
141        قوله ولقائل أن يقول إنما يعتمد الناس فى جرح الرواة ورد حديثهم على الكتب التى صنفها ائمة الحديث فى الجرح أو التعديل وقل ما يتعرضون فيها لبيان السبب بل يقتصرون على مجرد قولهم فلان ضعيف وفلان ليس بشئ ونحو ذلك إلى آخر السؤال      والجواب الذى أجاب به ومما يدفع هذا السؤال رأسا أو يكون جوابا عنه أن الجمهور إنما يوجبون البيان فى جرح من ليس عالما بأسباب الجرح والتعديل وأما العالم بأسبابهما فيقبلون جرحه من غير تفسير وبيان ذلك أن الخطيب حكى فى الكفاية عن القاضى أبى بكر الباقلانى أنه حكى عن جمهور أهل العلم أنه إذا جرح من لا يعرف الجرح يجب الكشف عن ذلك قال ولم يوجبوا ذلك على أهل العلم بهذا الشأن قال القاضى أبو بكر والذى يقوى عندنا ترك الكشف عن ذلك إذا كان الجارح عالما كما لا يجب استفسار المعدل عما به صار المزكى عدلا إلى آخر كلامه وما حكيناه عن القاضى أبى بكر هو الصواب     وقد اختلف كلام الغزالى فى نقله عن القاضى فحكى عنه فى المنخول أنه يوجب بيان الجرح مطلقا وحكى عنه فى المستصفى ما نقدم نقله عنه وهو الصواب فقد رواه الخطيب عنه بإسناده الصحيح إليه وحكاه أيضا عنه الإمام فخر الدين الرازى والسيف الآمدى وقال أبو بكر الخطيب فى الكفاية بعد حكاية الخلاف على أنا نقول أيضا إن كان الذى يرجع اليه فى الجرح عدلا مرضيا فى اعتقاده وأفعاله عارفا بصفة العدالة والجرح وأسبابهما عالما باختلاف الفقهاء فى ذلك قبل قوله فيمن جرحه مجملا ولا يسأل عن سببه وقال أمام
142    الحرمين فى البرهان الحق أنه إن كان المزكى عالما بأسباب الجرح والتعديل أكتفينا بإطلاقه وإلا فلا وما ذهب إليه الإمام فى هذا اختاره أيضا أبو حامد الغزالى وفخر الدين الرازى والله أعلم     قوله اختلفوا فى أنه هل يثبت الجرح والتعديل بقول واحد أو لابد من اثنين فمنهم من قالا لا يثبت ذلك إلا باثنين ذلك كما فى الجرح والتعديل فى الشهادات ومنهم من قال وهو الصحيح الذى اختاره الحافظ أبو بكر الخطيب وغيره أنه يثبت بواحد إلى آخر كلامه فيه أمران أحدهما أنه حكى عن الأكثرين خلاف ما صححه المصنف واختلف كلام الناقلين لذلك عنهم فحكى الخطيب فى الكفاية أن القاضى أبا بكر بن الباقلانى حكى عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم أنه لا يقبل فى التزكية إلا اثنان سواء كانت التزكية للشهادة أو للرواية
143        وحكى السيف الآمدى وأبو عمرو بن الحاجب عن الأكثرين التفرقة بين الشهادة والرواية ورجحه أيضا الإمام فخر الدين والآمدى أيضا واختار القاضى أبو بكر بعد حكايته عن الاكثرين اشتراط اثنين فيهما أنه يكتفى فيهما بواحد وأن هذا هو الذى يوجبه القياس وهو قول أبى حنيفة وأبى يوسف     الأمر الثانى أنه يؤخذ من كلام المصنف من قوله بواحد أنه يكفى كون المزكى امرأة أو عبدا أو استدل الخطيب فى الكفاية على قبول تعديل المرأة بسؤال النبى  صلى الله عليه وسلم بريزة عن عائشة رضى الله عنها فى قصة الإفك فقد اختلف الأصوليون فى ذلك فحزم صاحب المحصول بقول تزكية المرأة العدل والعبد العدل وحكى الخطيب فى الكفاية عن القاضى أبى بكر أنه حكى عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم أنه
144    لا يقبل فى التعديل النساء لا فى الرواية ولا فى الشهادة ثم اختار القاضى أنه يقبل تزكية المرأة مطلقا فى الرواية والشهادة إلا تزكيتها فى الحكم الذى لا تقبل شهادتها فيه      قال القاضى وأما العبد فيجب قبول تزكيته فى الخبر دون الشهادة لأن خبره مقبول وشهادته مردودة      ثم قال القاضى والذى يوجبه القياس وجوب قبول تزكية كل عدل مرضى ذكر أو أنثى حر أو عبد لشاهد أو مخبر انتهى      قوله وهكذا نقول إن عمل العالم أوفتياه على وفق حديث ليس حكما منه بصحة ذلك الحديث انتهى      وقد تعقبه بعض من اختصر كلامه وهو الحافظ عماد الدين بن كثير فقال وفى هذا نظر إذا لم يكن فى الباب غير ذلك الحديث إذا تعرض للاحتجاج به فى فتياه أو حكمه واستشهد به عند العمل بمقتضاه انتهى     وفى هذا النظر نظر لأنه لا يلزم من كون ذلك الباب ليس فيه غير هذا الحديث أن لا يكون ثم دليل آخر من قياس أو اجماع ولا يكرم المفتى أو الحاكم أن يذكر جميع أدلته بل ولا بعضها ولعل له دليلا آخر واستأنس بالحديث الوارد فى الباب وربما كان المفتى أو الحاكم يرى العمل بالحديث الضعيف وتقديمه على القياس كما تقدم حكاية ذلك عن أبى داود أنه كان يرى الحديث الضعيف إذا لم يرد فى الباب غيره أولى من رأى
145    الرجال وكما حكى عن الإمام أحمد من أنه يقدم الحديث الضعيف على القياس وحل بعضهم هذا على أنه أريد بالضعيف هنا الحديث الحسن والله أعلم      قوله الثانى المجهول الذى جهلت عدالته الباطنة وهو عدل فى الظاهر وهو المستور فقد قال بعض ائمتنا المستور من يكون عدلا فى الظاهر ولا تعرف عدالة باطنة انتهى     وهذا الذى أبهم المصنف بقوله بعض أئمتنا هو أبو محمد البغوى صاحب التهذيب فهذا لفظه بحروفه فيه ويوافقه كلام الرافعى فى الصوم فإنه قال فيه إن العدالة الباطنة هى التى يرجع فيها إلى أقوال المزكين وحكى فى الصوم أيضا فى قبول رواية المستور وجهين من غير ترجيح وصحح النووى فى شرح المهذب قبول روايته نعم عبارة الشافعى رحمه الله فى اختلاف الحديث تدل على أن التى يحكم الحاكم بها هى العدالة الظاهرة فإنه قال فى جواب سؤال أورده فلا يجوز أن يترك الحكم بشهادتهما إذا كانا عدلين فى الظاهر انتهى
146        فعلى هذا تكون العدالة الظاهرة هى التى يحكم الحاكم بها وهى التى تستند إلى أقوال المزكين خلاف ما ذكره الرافعى فى الصوم والله أعلم      قوله ذكر أبو بكر الخطيب البغدادى فى أجوبة مسائل سئل عنها أن المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم تعرفه العلماء ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد مثل عمرو ذى مر وحبار الطائى وسعيد بن ذى حدان لم يرو عنهم غير أبى إسحق السبيعى ومثل الهزهاز ابن ميزن لا راوى عنه غير الشعبى ومثل جرى بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة انتهى ثم تعقب المصنف كلام الخطيب فإنه قد روى عن الهزهاز الثورى أيضا انتهى      وفيه أمور أحدها أن الخطيب سمى والد هزهاز ميزن بالياء المثناة وتبعه المصنف والذى ذكره ابن أبى حاتم فى كتاب الجرح والتعديل أنه مازن بالألف وفى بعض النسخ بالياء ولعل بعضهم أماله فى اللفظ فكتب بالياء والله أعلم     الثانى أنه اعترض على المصنف فى قوله إن الثورى روى عنه فإن الثورى لم يرو عن الشعبى نفسه فكيف يروى عن شيوخه وقد يقال لا يلزم من عدم روايته عن الشعبى عدم روايته عن الهزهاز ولعل الهزهاز تأخر بعد الشعبى ويقوى ذلك أن ابن أبى حاتم ذكر فى الجرح والتعديل أنه روى عن الهزهاز هذا الجراح بن مليح والجراح اصغر من الثورى وتأخر بعده مدة سنين والله أعلم
147        الأمر الثالث ان المصنف عزا ما ذكره عن الخطيب إلى أجوبة سئل عنها والخطيب ذكر ذلك بجملته مع زيادة فيه فى كتاب الكفاية والمصنف كثير النقل منه فأبعد النجعة فى عزوه ذلك إلى مسائل سئل عنها      قال الخطيب فى الكفاية المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يشتهر بطلب العلم فى نفسه ولا عرفه العلماء به ولم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد مثل عمرو ذى مر وجبار الطائى وعبد الله بن أعز الهندانى والهيثم بن حنيش ومالك بن أعز وسعيد ابن ذى حدان وقيس بن كركم وخمر بن مالك قال وهؤلاء كلهم لم يرو عنهم غير أبى إسحق السبيعى ومثل سمعان بن مشنج والهزهاز بن ميزن لا يعرف عنهما راو إلا الشعبى ومثل بكر بن قرواش وحلام بن جزل لم يرو عنهما إلا أبو الطفيل عامر بن واثلة ومثل يزيد بن سحيم لم يرو عنه إلا خلاس بن عمرو ومثل جرى بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة بن دعامة ومثل عمير بن إسحاق لم يرو عنه سوى عبد الله بن عون وغير من ذكرنا انتهى كلام الخطيب      وقد روى غير واحد من بعض من ذكر منهم خمر بن مالك روى عنه أيضا عبد الله بن قيس وذكره ابن حبان فى الثقات الا أنه قال خمير مصغرا وقد ذكر الخلاف فيه فى التصغير والتكبير ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل ومنهم الهيثم بن حنيش روى عنه أيضا سلمة بن كهيل فيما ذكره أبو حاتم الرازى ومنهم بكر بن قرواش روى عنه أيضا قتادة كما ذكره البخارى فى التاريخ الكبير وابن حبان فى الثقات وسمى ابن أبى حاتم أباه قريشا وقد فرق الخطيب بين عبد الله بن أعز ومالك بن أعز كلاهما بالعين المهملة والزاى وجعلهما ابن ماكولا فى الإكمال واحدا وأنه اختلف فى اسمه على أبى إسحاق والله أعلم     وأما حلام فهو بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام وآخره ميم كذا ذكره الخطيب تبعا لابن أبى حاتم وأما البخارى فإنه ذكره فى التاريخ الكبير حلاب آخره باء موحدة ونسبه ابن أبى حاتم إلى الخطأ فى كتاب جمع فيه أوهامه فى التاريخ وقال انما هو حلام أى بالميم وأما مشنج والد سمعان فهو بضم الميم وفتح الشين المعجمة وفتح النون المشددة وآخره جيم
148        قوله قد خرج البخارى فى صحيحه حديث جماعة ليس لهم غير راو واحد منهم مرداس الأسلمى لم يرو عنه غير قيس بن أبى حازم وكذلك خرج مسلم حديث قوم لا راوى عنهم غير واحد منهم ربيعة بن كعب الأسلمى لم يرو عنه غير أبى سلمة بن عبد الرحمن وذلك منهما مصير إلى أن الراوى قد يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه إلى آخر كلامه وفيه أمور أحدها أنه قد اعترض عليه النووى بأن مرداسا وربيعة صحابيان والصحابة كلهم عدول قلت لا شك أن الصحابة الذين ثبتت صحبتهم كلهم عدول ولكن الشأن فى أنه هل تثبت الصحبة برواية واحد عنه أم لا تثبت إلا برواية اثنين عنه هذا محل نظر واختلاف بين أهل العلم والحق أنه إن كان معروفا     قوله اختلفوا فى قبول رواية المبتدع الذى لا يكفر فى بدعته إلى آخر كلامه وقد
149    قيد المصنف الخلاف بغير من يكفر ببدعته مع أن الخلاف ثابت فيه أيضا قال صاحب المحصول الحق أنه إن اعتقد حرمة الكذب قبلنا روايته وإلا فلا وذهب القاضى أبو بكر إلى رد روايته مطلقا وحكاه الآمدى عن الأكثرين وبه جزم ابن الحاجب قوله وعزا بعضهم هذا إلى الشافعى انتهى      أراد المصنف ببعضهم الحافظ أبا بكر الخطيب فإنه عزاه للشافعى فى كتاب الكفاية     قوله وحكى بعض أصحاب الشافعى رضى الله عنه خلافا بين أصحابه فى قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى بدعته وقال أما إذا كان داعية إلى بدعته فلا خلاف بينهم فى عدم قبول روايته ثم حكى عن ابن حبان أنه لا يعلم خلافا فى أنه لا يجوز الاحتجاج بالداعية انتهى
150        قلت وابن حبان الذى حكى المصنف كلامه قد حكى أيضا الاتفاق على الاحتجاج بغير الداعية فعلى هذا لا يكون فى المسألة خلاف بين أئمة الحديث فقال ابن حبان فى تاريخ الثقات فى ترجمة جعفر بن سليمان الضبعى ليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتيقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز فإذا دعى إلى بدعته سقط الاحتجاج بأخباره وفيما حكاه ابن حبان من الاتفاق نظر فإنه يروى عن مالك رد روايتهم مطلقا كما قاله الخطيب فى الكفاية      قوله فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة وفى الصحيحين كثير من أحاديثهم فى الشواهد والأصول انتهى      وقد اعترض عليه بأنهما احتجا أيضا بالدعاة فاحتج البخارى بعمران بن حطان وهو من دعاة الشراة واحتج الشيخان بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحمانى وكان داعية إلى الإرجاء كما قال أبو داود انتهى      قلت قال أبو داود ليس فى أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج ثم ذكر عمران ابن حطان وأبا حسان الأعرج ولم يحتج مسلم بعبد الحميد الحمانى إنما أخرج له فى المقدمة وقد وثقه ابن معين     قوله التائب من الكذب فى حديث الناس وغيره من أسباب الفسق تقبل روايته إلا التائب من الكذب متعمدا فى حديث رسول الله  صلى الله عليه وسلم ثم قال وأطلق
151    الإمام أبو بكر الصيرفى الشافعى فيما وجدت له فى شرحه لرسالة الشافعى فقال كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه لم نعد لقبوله بتوبة تظهر إلى آخر كلامه فذكر المصنف أن أبا بكر الصيرفى أطلق الكذب أى فلم يخصه بالكذب فى الحديث والظاهر أن الصيرفى إنما أراد الكذب فى الحديث بدليل قوله من أهل النقل وقد قيده بالمحدث فيما رأيته فى كتابه المسمى بالدلائل والاعلام فقال وليس يطعن على المحدث إلا أن يقول تعمدت الكذب فهو كاذب فى الأول ولا يقبل خبره بعد ذلك
152        قوله وبنوا عليه ردهم حديث سليمان بن موسى عن الزهرى عن عروة عن عائشة عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم      إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها فنكاحها باطل     الحديث من أجل أن ابن جريج قال لقيت الزهرى فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه انتهى      وقد اعترض عليه بأن فى رواية الترمذى فسألته عنه فأنكره والجواب عنه أن الترمذى لم يروه وإنما ذكره بغير إسناد والمعروف فى الكتب المصنفة فى العلل فلم يعرفه كما ذكره المصنف ومع هذا فلا يصح هذا عن ابن جريج لا بهذا اللفظ ولا بهذا اللفظ فبطل تعلق من تعلق بذلك فى رد الحديث     أما كون الترمذى لم يوصل إسناده فإنه رواه متصلا عن ابن أبى عمر عن سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن سليمان بن موسى ثم قال وقد تكلم بعض أهل الحديث فى حديث الزهرى عن عروة عن عائشة عن النبى  صلى الله عليه وسلم قال ابن جريج ثم لقيت الزهرى فسألته فأنكره فضعفوا هذا الحديث من أجل هذا وأما كونه معروفا فى كتب العلل باللفظ الذى ذكره المصنف فهكذا هو فى سؤالات عباس الدورى عن ابن معين وفى العلل لأحمد وأما كونه لا يصح عن ابن جريج فروينا فى السنن الكبرى للبيهقى بالسند الصحيح إلى ابى حاتم الرازى سمعت أحمد بن حنبل يقول وذكر عنده أن ابن علية يذكر حديث ابن جريج    لا نكاح إلا بولى    قال ابن جريج
153    فلقيت الزهرى فسألته عنه فلم يعرفه واثنى على سليمان بن موسى فقال أحمد بن حنبل إن ابن جريج له كتب مدونة وليس هذا فى كتبه يعنى حكاية ابن علية عن ابن جريج وروينا فى سنن البيهقى ايضا بإسناده الصحيح إلى عباس الدورى سمعت يحيى بن معين يقول فى حديث لا نكاح إلا بولى الذى يرويه ابن جريج قلت أن بن علية يقول قال ابن جريج فسألت عنه الزهرى فقال لست أحفظه فقال يحيى بن معين ليس يقول هذا إلا ابن علية وإنما عرض ابن علية كتب ابن جريج على عبد المجيد بن عبد العزيز ابن أبى رواد فأصلحها له أوروينا فى السنن للبيهقى أيضا بسنده الصحيح إلى جعفر الطيالسى سمعت يحيى بن معين يقول رواية بن جريج عن الزهرى أنه أنكر معرفة حديث سليمان ابن موسى فقال لم يذكره عن ابن جريج غير ابن علية إنما سمع بن علية من ابن جريج سماعا ليس بذلك إنما صحح كتبه على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز وضعف يحيى ابن معين رواية إسمعيل عن ابن جريج جدا وقد ذكر الترمذى فى جامعه كلام يحيى هذا الاخير غير موصل الإسناد فقال وذكر عن يحيى بن معين إلى آخره وهو متصل الإسناد عند البيهقى وهذا يدلك على أن المراد بقوله فأنكره أى أنه قال ما أعرفه كما حكاه المصنف فإنه قال فى هذه الرواية الأخيرة إنه أنكر معرفة حديث سليمان بن موسى فليس بين العبارتين إذا إختلاف كما انكره من اعترض بذلك على المصنف والله أعلم      قوله والصحيح ما عليه الجمهور لأن المروى عنه بصدد السهو النسيان انتهى     وقد اعترض عليه بأن الراوى أيضا معرض للسهو والنسيان فينبغى أن يتهاترا وينظر فى ترجيح أحدهما من خارج
154        والجواب أن الراوى مثبت جازم والمروى عنه ليس بناف وقوعه بل غير ذاكر فقدم المثبت عليه والله أعلم      قوله ولأجل أن الانسان معرض كره للنسيان كره من كره من العلماء الراوية عن الأحياء منهم الشافعى قال لابن عبد الحكم إياك والرواية عن الاحياء انتهى     وقد اعترض عليه بأن الشافعى إنما نهى عن الرواية عن الاحياء لاحتمال أن يتغير المروى عنه عن الثقة والعدالة بطارئ يطرأ عليه يقتضى رد حديثه المتقدم كما تقدم فى ذكر من كذب فى الحديث أنه يسقط حديثه المتقدم ويكون ذلك الراوى قد روى عنه فى تصنيف له فيتكون روايته عن غير ثقة وإنما يؤمن ذلك بموته على ثقته وعدالته فلذلك كره الشافعى الرواية عن الحى
155        والجواب أن هذا حدس وظن غير موافق كما أراده الشافعى رضى الله عنه وقد بين الشافعى مراده بذلك كما رواه البيهقى فى المدخل بإسناده إلى الشافعى أنه قال لا يحدث عن حى فإن الحى لا يؤمن عليه النسيان قاله لابن عبد الحكم حين روى عن الشافعى حكاية فأنكرها ثم ذكرها وما قاله الشافعى رحمه الله سيقه إليه الشعبى ومعمر فروى الخطيب فى الكفاية باسناده إلى الشعبى أنه قال لابن عون لا تحدثنى عن الاحياء وبإسناده إلى معمر أنه قال لعبد الرزاق إن قدرت أن لا تحدث عن رجل حى فأفعل وقد فهم الخطيب من ذلك ما فهم المصنف فقال فى الكفاية ولأجل أن النسيان غير مأمون على الإنسان فيبادر إلى جحود ما روى عنه وتكذيب الراوى له كره من كره من العلماء التحديث عن الاحياء ثم ذكر قول الشعبى ومعمر والشافعى رضى الله عنهم     قوله وورد عن ابن المبارك وأحمد بن حنبل والحميدى وغيرهم أن من غلط فى حديث وبين له غلطة فلم يرجع عنه وأصر على رواية ذلك الحديث سقطت رواياته ولم يكتب عنه قال الشيخ وفى هذا نظر وهو غير مستنكر إذا ظهر أن ذلك منه على جهة العناد أو نحو ذلك انتهى
156       وما ذكره المصنف بحثا قد نص عليه أبو حاتم بن حبان فقال إن من بين له خطأه
157    وعلم فلم يرجع عنه وتمادى فى ذلك كان كذابا بعلم صحيح فقيد ابن حبان ذلك بكونه علم خطأه وإنما يكون عنادا إذا علم الحق وخالفه وقيد أيضا بعض المتأخرين ذلك بأن يكون الذى بين له غلطة عالما عند المبين له أما إذا كان ليس بهذا المثابة عنده فلا حرج إذن      قوله أما ألفاظ التعديل فعلى مراتب الأولى قال ابن أبى حاتم إذا قيل للواحد إنه ثقة أو متقن فهو ممن يحتج به انتهى      اقتصر المصنف تبعا لابن أبى حاتم على أن هذه الدرجة الأولى وكذا قال الحافظ أبو بكر الخطيب فى الكفاية أرفع العبارات أن يقال حجة أو ثقة انتهى      وقد زاد الحافظ أبو عبد الله الذهبى فى مقدمة كتابه ميزان الاعتدال درجة قبل هذه هى أرفع منها وهى أن يكرر لفظ التوثيق المذكور فى الدرجه الأولى إما باللفظ بعينه كقولهم ثقة ثقة أو مع مخالفة اللفظ الأول كقولهم ثقة ثبت أو ثبت حجة أو نحو ذلك وهو كلام صحيح لأن التأكيد الحاصل بالتكرار لابد أن يكون له مرية على الكلام الخالى عن التأكيد والله أعلم      قوله قلت وكذا إذا قيل ثبت أو حجة انتهى     وقد اعترض عليه بأن قوله ثبت ذكرها ابن أبى حاتم فلا زيادة عليه إذا انتهى
158        قلت وليس فى بعض النسخ الصحيحة من كتابه إلا ما نقله المصنف عنه كما تقدم ليس فيه ذكر ثبت وفى بعض النسخ إذا قيل للواحد أنه ثقة أو متقن ثبت فهو ممن يحتج بحديثه هكذا فى نسختى منه أو ميقن ثبت لم يقل فيه أو ثبت والله أعلم      قوله الثانية قال ابن أبى حاتم إذا قيل إنه صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه انتهى      سوى ابن أبى حاتم بين قولهم صدوق وبين قولهم محله الصدق فجعلهما فى درجة وتبعه المصنف وجعل صاحب الميزان قولهم محله الصدق فى الدرجة التى تلى قولهم صدوق والله أعلم      قوله حكاية عن عبد الرحمن بن مهدى أنه قال الثقة شعبة وسفيان انتهى     وقد اعترض عليه بأن الذى فى كتاب الخطيب وغيره الثقة شعبة ومسعر لم يذكر
159    والجواب أن المصنف لم يحك ذلك عن الخطيب وعلى تقدير كونه فى كتاب الخطيب هكذا فيحتمل أنه من النساخ فليس غلط المصنف بأولى من تغليطهم على أن المشهور المشهور عن ابن مهدى ما ذكره المصنف هكذا وحكاه عمرو بن على القلاس وكذا رواه ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل وكذلك ذكره الحافظ أبو الحجاج المزى فى تهذيب الكمال فى ترجمة أبى خلدة ونقل فى ترجمة مسعر من رواية القلاس أيضا عن ابن مهدى الثقة شعبة ومسعر وعلى هذا فلعله سئل عنه مرتين فإن المنقول فى هذ الرواية أن أحمد ابن حنبل سأله ولعله قال الثقة شعبة وسفيان ومسعر فاقتصر الفلاس على التمثيل باثنين فمرة ذكر سفيان ومرة ذكر مسعرا والله أعلم
160       قوله ومما لم يشرحه ابن أبى حاتم وغيره من الألفاظ المستعملة فى هذا الباب فقولهم فلان قد روى الناس عنه فلان وسط فلان مقارب الحديث إلى آخر كلامه فيه
161    أمور أحدها أن المصنف ذكر هنا ألفاظا للتوثيق وألفاظا للتجريح لم يميز بينها وقال إن ابن أبى حاتم وغيره لم يشرحوها واراد بكونهم لم يشرحوها أنهم لم يبينوا ألفاظ التوثيق من أى رتبة هى من الثانية أو الثالثة مثلا وكذلك ألفاظ التجريح لم يبينوا من أى منزلة هى وليس المراد أنهم لم يبينوا هل هى من ألفاظ التوثيق أو التجريح فإن هذا أمر لا يخفى على أهل الحديث وإذا كان كذلك فقد رأيت أن اذكر كل لفظ منها من أى رتبة هو لتعرف منزلة الراوى به فأقول الالفاظ التى هى للتوثيق من هذه الالفاظ التى جمع بينها المصنف أربعة ألفاظ وهى قولهم فلان روى عنه الناس وفلان وسط وفلان متقارب الحديث وفلان ما أعلم به بأسا وهذه الألفاظ الأربعة من الرتبة الرابعة وهى الأخيرة من ألفاظ التوثيق وأما بقية الألفاظ التى ذكرها هنا فإنها من ألفاظ الجرح وهى سبعة ألفاظ فمن الرتبة الاولى وهى الين ألفاظ الجرح قولهم فلان ليس بذاك وفلان ليس بذاك القوى وفلان فيه ضعف وفلان فى حديثه ضعف ومن الدرجة الثانية وهى أشد فى الجرح من التى قبلها      قوله فلان لا يحتج به فلان مضطرب الحديث ومن الدرجة الثالثة وهى أشد من اللتين قبلها     قوله فلان لا شئ فهذا ما ذكره المصنف هنا مهملا من مراتبه وذكر فيها أيضا فلا مجهول وقد تقدم ذكر المجهول فى الموضع الذى ذكره المصنف وإنه على ثلاثة أقسام فأغنى ذلك عن ذكره هنا
162        الامر الثانى أن قوله مقارب الحديث ضبط فى الأصوله الصحيحة المسموعة على المصنف بكسر الراء كذا ضبطه الشيخ محيى الدين النووى فى مختصره وقد اعترض بعض المتأخرين بأن ابن السيد حكى فيه الوجهين الكسر والفتح وأن اللفظين حينئذ لا يستويان لأن كسر الراء من ألفاظ التعديل وفتحها من الفاظ التجريح انتهى      وهذا الاعتراض والدعوى ليسا صحيحين بل الوجهان فتح الراء وكسرها معروفان وقد حكاهما ابن العربى فى كتاب الأحوذى وهما على كل حال من ألفاظ التوثيق وقد ضبط أيضا فى النسخ الصحيحة عن البخارى بالوجهين وممن ذكره من ألفاظ التوثيق الحافظ أبو عبد الله الذهبى فى مقدمة الميزان وكأن المعترض فهم من فتح الراء أن الشئ المقارب هو الردئ وهذا فهم عجيب فإن هذا ليس معروفا فى اللغة وإنما هو فى ألفاظ العوام وإنما هو على الوجهين من قوله سددوا وقاربوا فمن كسر قال إن معناه أن حديثه مقارب لحديث غيره ومن فتح قال إن معناه أن حديثه يقاربه حديث غيره ومادة فاعل تقتضى المشاركة إلا فى مواضع قليلة والله أعلم      واعلم أن ابن سيدة حكى فى الرجل المقارب الكسر فقط فقال ورجل بالكسر مقارب ومتاع مقارب بالفتح ليس بنفيس وقال بعضهم دين مقارب بالكسر ومتاع مقارب بالفتح هذه عبارته فى المحكم فلم يحك الفتح إلا فى المتاع فقط وأما الجوهرى فجعل الكل بالكسر وقال ولا تقل مقارب أى بالفتح     الأمر الثالث أن المصنف أهمل من ألفاظ التوثيق والجرح اكثر مما زاده على ابن أبى حاتم فرأيت أن اذكر منها ما يحضرنى لتعرف وتضبط فأما ألفاظ التوثيق فمن المرتبة الثانية على مقتضى عمل المصنف قولهم فلان مأمون فلان خيار وهاتان من الرتبة الثالثة على مقتضى عمل الذهبى فى جعله أعلى الدرجات تكرار التوثيق كما تقدم ومن الرتبة الرابعة أو الثالثة قولهم فلان إلى الصدق ما هو فلان جيد الحديث فلان حسن الحديث وفلان صويلح وفلان صدوق إن شاء الله وفلان أرجو أنه لا بأس به وأما ألفاظ التجريح فمن الرتبة الأولى وهى ألين ألفاظ التجريح قولهم فلان فيه مقال وفلان ضعف وفلان تعرف وتنكر فلان ليس بالمتين أو ليس بحجة أو ليس بعمدة أو ليس بالمرضى وفلان للضعف ما هو وسيئ الحفظ وفيه خلف وطعنوا فيه وتكلموا فيه ومن
163    الرتبة الثانية وهى أشد من الأولى فلان واه فلان ضعفوه فلان منكر الحديث ومن الرتبة الثالثة وهى أشد منهما قولهم فلان ضعيف جدا فلان واه بمرة فلان لا يساوى شيئا فلان مطرح وطرحوا حديثه ورام به ورد حديثه ومن الرتبة الرابعة فلان متهم بالكذب وهالك وليس بثقة ولا يعتبر به وفيه نظر وسكتوا عنه وهاتان العبارتان يقولهما البخارى فيمن تركوا حديثه ومن الرتبة الخامسة ولم يذكرها المصنف فلان وضاع فلان دجال ولهم ألفاظ أخر يستدل بهذه عليها والله أعلم
165     النوع الرابع والعشرون معرفة كيفية سماع الحديث
قوله وقد بلغنا عن إبراهيم بن سعيد الجوهرى قال رأيت صبيا ابن أربع سنين وقد حمل إلى المأمون قد قرأ القرآن ونظر فى الرأى غير انه إذا جاع يبكى انتهى     احسن المصنف فى التعبير عن هذه الحكاية بقوله بلغنا ولم يجزم بنقلها فقد رأيت بعض الأئمة من شيوخنا يستبعد صحتها ويقول على تقدير وقوعها لم يكن ابن اربع سنين وإنما كان ضئيل الخلقة فيظن صغره والذى يغلب على الظن عدم صحتها وقد رواها الخطيب بإسناده فى الكفاية وفى إسنادها أحمد بن كامل القاضى قال فيه الدارقطنى كان متساهلا ربما حدث من حفظه بما ليس عنده فى كتابه وأهلكه العجب فإنه كان يختار ولا يضع لأحد من العلماء أصلا وقال صاحب الميزان كان يعتمد على حفظه فيهم
171        قوله إذا كان أصل الشيخ عند القراءة عليه بيد غيره إلى أن قال وإن كان الشيخ لا يحفظ ما يقرأ عليه فهذا مما اختلفوا فيه فرأى بعض أئمة الأصول أن هذا سماع غير صحيح والمختار أن ذلك صحيح انتهى      هذا الذى أبهم المصنف ذكره هو إمام الحرمين فإنه اختار ذلك وحكى القاضى عياض أيضا أن القاضى أبا بكر الباقلانى تردد فيه قال وأكثر ميله إلى المنع انتهى     ووهن السلفى هذا الاختلاف لاتفاق العلماء على العمل بخلافه فإنه ذكر ما حاصله أن الطالب إذا أراد أن يقرأ على شيخ شيئا من سماعه هل يجب أن يريه سماعه فى ذلك الجزء أم يكفى إعلام الطالب الثقة للشيخ أن هذا الجزء سماعه على فلان فقال السلفى هما سيان على هذا عهدنا علماءنا عن آخرهم قال ولم تزل الحفاظ قديما وحديثا يخرجون للشيوخ من الأصول فتصير تلك الفروع بعد المقابلة أصولا وهل كانت الأصول أولا إلا فروعا انتهى
172       قوله فإن شك فى شئ عنده أنه من قبيل حدثنا أو أخبرنا أو من قبيل حدثنى أو أخبرنى لتردده فى أنه كان عند التحمل والسماع وحده أو مع غيره فيحتمل أن نقول ليقل حدثنى أو أخبرنى لأن عدم غيره هو الأصل انتهى
173        سوى المصنف رحمه الله بين الشك فى أنه هل سمع من لفظ الشيخ وحده أو كان معه غيره يسمع وبين مسألة ما إذا شك هل قرأ هو بنفسه على الشيخ أو سمع عليه بقراءة غيره عليه وما قاله ظاهر فى المسألة الأولى      وأما المسألة الثانية فإنه يتحقق فيها سماع نفسه ويشك هل قرأ بنفسه أم لا والأصل أنه لم يقرأ هذا إذا مشينا على ما ذكره المصنف تبعا للحاكم أن القارئ يقول أخبرنى سواء سمع بقراءته معه غيره أم لا أما إذا قلنا بما جزم به ابن دقيق العيد فى الاقتراح من أن القارئ إذا كان معه غيره يقول اخبرنا فيتجه حينئذ أن يقال الأصل عدم الزايد لكن الذى ذكره ابن الصلاح هو الذى قاله عبد الله بن وهب وأبو عبد الله الحاكم وهو المشهور والله أعلم     والأحسن فيما إذا شك هل قرأ بنفسه أو سمع بقراءة غيره ما حكاه الخطيب فى الكفاية عن البرقانى أنه ربما يشك فى الحديث هل قرأه هو أو قرئ وهو يسمع فيقول فيه قرأنا على فلان فإنه يسوغ إثباته بهذه الصيغة فيما قرأه بنفسه وفيما سمعه بقراءة غيره
174    وقد سئل أحمد بن صالح المصرى عن الرجل يسمع بقراءة غيره فأجاب بأنه لا بأس أن يقول قرأنا وقد قال النفيلى قرأنا على مالك وإنما سمع بقراءة غيره والله أعلم     قوله ليس لك فيما تجده فى الكتب المؤلفة من روايات من تقدمك أن تبدل فى نفس الكتاب ما قيل فيه أخبرنا بحدثنا ونحو ذلك وإن كان فى إقامة أحدهما مقام الآخر خلاف وتفصيل سبق لاحتمال أن يكون من قال ذلك ممن لا يرى التسوية بينهما ولو وجدت
176    من ذلك إسنادا عرفت من مذهب رجاله التسوية بينهما فإقامتك أحدهما مقام الآخر من باب تجويز الرواية بالمعنى وذلك وإن كان فيه خلاف معروف فالذى نراه الامتناع من إجراء مثله فى إبدال ما وضع فى الكتب المصنفة والمجاميع المجموعة على ما سنذكره إن شاء الله تعالى      وما ذكره أبو بكر الخطيب فى كفايته من اجراء ذلك الخلاف فى هذا فمحول عندنا على ما يسمعه الطالب من لفظ المحدث غير موضوع فى كتاب مؤلف والله أعلم انتهى      وفيه أمران أحدهما أن ما أختاره المصنف قد ضعفه ابن دقيق العيد فى الاقتراح فقال ومما وقع فى اصطلاح المتأخرين أنه إذا روى كتاب مصنف بيننا وبينه وسايط تصرفوا فى اسماء الرواة وقلبوها على أنواع إلى أن يصلوا إلى المصنف فإذا وصلوا إليه تبعوا لفظه من غير تغيير قال وهنا بحثان فذكر الأول ثم قال البحث الثانى الذى اصطلحوا عليه من عدم التغيير للالفاظ بعد وصولهم إلى المصنف ينبغى أن ينظر فيه هل هو على سبيل الوجوب أو هو اصطلاح على سبيل الأولى قال وفى كلام بعضهم ما يشير الى أنه ممتنع لأنه وإن كان له الرواية بالمعنى فليس له تغيير التصنيف قال وهذا كلام له فيه ضعف قال وأقل ما فيه إنه يقتضى تجويز هذا فيما ينقل من المصنفات المتقدمة إلى أجزائنا وتخاريجنا فإنه ليس فيه تغيير التصنيف المتقدم وليس هذا جاريا على الاصطلاح فإن الاصطلاح على أن لا نغير الألفاظ بعد الانتهاء إلى الكتب المصنفة سواء رويناها فيها أو نقلناها منها انتهى     وما ذكره من أنه يقتضى تجويزه فيما ينقل من المصنفات المتقدمة إلى أجزائنا وتخاريجنا ليس بمسلم بل آخر كلام ابن الصلاح يشعر أنه إذا نقل حديث من كتاب وعزى إليه لا يجوز فيه الإبدال سواء نقلناه فى تأليف لنا أو لفظا والله أعلم
177        الأمر الثانى إن تعليل المصنف المنع باحتمال أن يكون من قال ذلك ممن لا يرى التسوية بين أخبرنا وحدثنا ليس بجيد من حيث أن الحكم لا يختلف فى الجائز والممتنع بأن يكون الشيخ يرى الجائز ممتنعا أو الممتنع جائزا وقد صرح أهل الحديث بذلك فى مواضع منها أن يكون الشيخ ممن يرى جواز إطلاق حدثنا وأنبأنا فى الإجازة وأذن للطالب أن يقول ذلك إذا روى عنه بالإجازة فإنه لا يجوز للطالب وإن أذن له الشيخ وقد صرح به المصنف كما سيأتى      وكذلك أيضا لم يشترطوا فى جواز الرواية بالمعنى أن لا يكون فى الإسناد من يمنع ذلك كابن سيرين بل جوزوا الرواية بالمعنى بشروط ليس منها هذا     قوله قلت قد كان كثير من أكابر المحدثين يعظم الجمع فى مجالسهم جدا حتى ربما بلغ ألوافا مؤلفة ويبلغهم عنهم المستملون فيكتبون عنهم بوساطة تبليغ المستملين وأجاز غير واحد لهم رواية ذلك عن المملى ثم قال وأبى آخرون ذلك ثم قال قلت والأول تساهل بعيد انتهى
178        أطلق المصنف حكاية الخلاف من غير تقييد بكون المملى يسمع لفظ المستملى الذى يملى أم لا والصواب التقييد بما ذكرناه فإن كان الشيخ صحيح السمع بحيث يسمع لفظ المستملى الذى يملى عليه فالسماع صحيح ويجوز له أن يرويه عن المملى دون ذكر الواسطة كما لو سمع على الشيخ بقراءة غيره فإن القارئ والمستملى واحد وإن كان فى سمع الشيخ ثقل بحيث لا يسمع لفظ المستملى فإنه لا يسوغ لمن لم يسمع لفظ الشيخ أن يرويه عنه إلا بواسطة المستملى أو المبلغ له عن الشيخ أو المفهم للسامع ما لم يبلغه كما ثبت فى الصحيحين من رواية عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال سمعت النبى  صلى الله عليه وسلم  يقول     يكون اثنا عشر أميرا فقال كلمة لم أسمعها فقال أبى إنه قال كلهم من قريش     لفظ البخارى وقال مسلم ثم تكلم بكلمة خفيت على فسألت أبى ماذا قال قال كلهم من قريش فلم يرو جابر بن سمرة الكلمة التى خفيت عليه إلا بواسطة أبيه ويمكن أن يستدل القائلون بالجواز بما رواه مسلم فى صحيحه من رواية عامر بن سعد ابن أبى وقاص قال كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامى نافع أن أخبرنى بشئ سمعته من رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال فكتب إلى    سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يوم جمعة عشية رحم الأسلمى قال لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش    فلم يفصل جابر بن سمرة الكلمة التى لم يسمعها من النبى  صلى الله عليه وسلم وقد يجاب عنه بأمور أحدها أنه يحتمل أن بعض الرواة أدرجه وفصلها الجمور وهم عبد الملك بن عمير والشعبى وحصين وسماك بن حرب ووصله عامر      والثانى أنه قد اتفق الشيخان على رواية الفصل وانفرد مسلم برواية الوصل      والثالث أن رواية الجمهور سماع لهم من جابر بن سمرة ورواية عامر بن سعد كتابة ليست متصلة بالسماع     والرابع أن الإرسال جائز خصوصا إرسال الصحابة عن بعضهم فإن الصحابة كلهم عدول ولهذا كانت مراسيلهم حجة خلافا للاستاذ أبى إسحق الاسفرائينى لأن الصحابة قد يروون عن التابعين والله أعلم
182     النوع الثالث من أنواع الإجازة أن يجيز لغير معين بوصف العموم         قوله فإن كان ذلك مقيدا بوصف حاصر أو نحوه فهو إلى الجواز أقرب انتهى.
تقدم أن المصنف اختار عدم صحة إلاجازة العامة وقال فى هذه الصورة منها أنها أقرب إلى الجواز فلم يظهر من كلامه فى هذه الصورة المنع أو الصحة والصحيح فى هذه الصورة الصحة فقد قال القاضى عياض فى كتاب الإلماع ما أحسبهم اختلفوا فى جوازه ممن تصح عنده الإجازة ولا رأيت منعه لأحد لأنه محصور موصوف كقوله لأولاد فلان أو أخوة فلان      قوله قلت ولم نر ولم نسمع عن أحد ممن يقتدى به أنه استعمل هذه الإجازة فروى بها ولا عن الشرذمة المستأخرة الذين سوغوها والاجازة فى أصلها ضعف وتزداد بهذا التوسع والاسترسال ضعفا كثيرا لا ينبغى احتماله والله أعلم انتهى      وفيه أمور أحدها أنه اعترض على المصنف بأن الظاهر من كلام مصححها جواز الرواية بها وهذا مقتضى صحتها وأى فائدة لها غير الرواية بها انتهى      ولا يحسن هذا الاعتراض على المصنف فإنه إنما أنكر أن يكون رأى أو سمع عن أحد أنه استعملها فروى بها ولا يلزم من ترك استعمالهم للرواية بها عدم صحتها إما لاستغنائهم عنها بالسماع أو احتياطا للخروج من خلاف من منع الرواية بها     الأمر الثانى أن ما رجحه المصنف من عدم صحتها خالفه فيه جمهور المتأخرين وصححه النووى فى الروضه من زياداته فقال الأصح جوازها انتهى.
182     النوع الثالث من أنواع الإجازة أن يجيز لغير معين بوصف العموم         قوله فإن كان ذلك مقيدا بوصف حاصر أو نحوه فهو إلى الجواز أقرب انتهى      تقدم أن المصنف اختار عدم صحة إلاجازة العامة وقال فى هذه الصورة منها أنها أقرب إلى الجواز فلم يظهر من كلامه فى هذه الصورة المنع أو الصحة والصحيح فى هذه الصورة الصحة فقد قال القاضى عياض فى كتاب الإلماع ما أحسبهم اختلفوا فى جوازه ممن تصح عنده الإجازة ولا رأيت منعه لأحد لأنه محصور موصوف كقوله لأولاد فلان أو أخوة فلان      قوله قلت ولم نر ولم نسمع عن أحد ممن يقتدى به أنه استعمل هذه الإجازة فروى بها ولا عن الشرذمة المستأخرة الذين سوغوها والاجازة فى أصلها ضعف وتزداد بهذا التوسع والاسترسال ضعفا كثيرا لا ينبغى احتماله والله أعلم انتهى      وفيه أمور أحدها أنه اعترض على المصنف بأن الظاهر من كلام مصححها جواز الرواية بها وهذا مقتضى صحتها وأى فائدة لها غير الرواية بها انتهى      ولا يحسن هذا الاعتراض على المصنف فإنه إنما أنكر أن يكون رأى أو سمع عن أحد أنه استعملها فروى بها ولا يلزم من ترك استعمالهم للرواية بها عدم صحتها إما لاستغنائهم عنها بالسماع أو احتياطا للخروج من خلاف من منع الرواية بها     الأمر الثانى أن ما رجحه المصنف من عدم صحتها خالفه فيه جمهور المتأخرين وصححه النووى فى الروضه من زياداته فقال الأصح جوازها انتهى.
183        وممن أجازها أبو الفضح أحمد بن الحسين بن خيرون البغدادى وأبو الوليد ابن رشد من أئمة المالكية وأبو طاهر السلفى وخلائق كثيرون جمعهم الحافظ أبو جعفر محمد بن الحسين بن أبى البدر الكاتب البغدادى فى جزء كبير رتب أسماءهم فيه على حروف المعجم لكثرتهم ورجحه أيضا أبو عمرو بن الحاجب من أئمة المالكية الأصولين     الأمر الثالث أن المصنف ذكر أنه لم ير ولم يسمع أن أحدا ممن يقتدى به روى بها وقد أحسن من وقف عندما انتهى إليه ومع هذا فقد روى بها بعض الأئمة المتقدمين على ابن الصلاح كالحافظ أبى بكر محمد بن خير بن عمر الأموى بفتح الهمزة الأشبيلى خال أبى القاسم السهيلى فروى فى برنامجه المشهور بالإجازة العامة وحدث بها من الحفاظ المتأخرين الحافظ أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطى بإجازته العامة من المؤيد الطوسى وسمع بها الحفاظ أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزى وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى وأبو محمد القاسم بن محمد البرزالى على الركن الطاووسى بإجازته العامة من أبى جعفر الصيدلانى وغيره وقرأ بها شيخنا الحافظ أبو سعيد العلائى على أبى العباس أحمد ابن نعمة بإجازته العامة من داود بن معمر بن الفاخر وبالجملة ففى النفس من الرواية بها شئ الاحتياط ترك الرواية بها والله أعلم
185     النوع الرابع من أنواع الإجازة للمجهول أو بالمجهول         قوله فإن أجاز لمن شاء الرواية عنه فهذا أولى بالجواز من حيث أن مقتضى كل إجازة تفويض الرواية بها إلى مشيئة المجاز له فكان هذا مع كونه بصيغة التعليق تصريحا بما يقتضيه الإطلاق وحكاية للحال لا تعليقا فى الحقيقة ولهذا أجاز بعض أئمة الشافعيين فى البيع بعتك هذا بكذا إن شئت فيقول انتهى     ولم يبين المصنف أيضا تصحيحا فى هذه الصورة بل جعلها أولى بالجواز والصحيح فيها عدم الصحة وقياس المصنف لهذه الصورة على تجويز بعض الأئمة قول القائل بعتك هذا بكذا إن شئت ليس بجيد والفرق بين المسألتين أن المبتاع معين فى مسألة البيع والشخص المجاز مبهم فى مسألة الإجازة وإنما وزان مسألة البيع أن يقول أجزت لك أن تروى عنى إن شئت الرواية عنى فإن الأظهر الأقوى فى هذه الصورة الجواز كما ذكره المصنف بعد ذلك وفى مسألة البيع التى قاس عليها المصنف مسألة الإجازة وجهان حكاهما الرافعى وقال أظهرهما أنه ينعقد
192     القسم الرابع من أقسام طرق تحمل الحديث وتلقيه المناولة         قوله قال الحاكم فى هذا العرض أى عرض المناولة أما فقهاء الاسلام الذين أفتوا فى الحلال والحرام فإنهم لم يروه سماعا وبه قال الأوزاعى والشافعى والبويطى والمزنى وأبو حنيفة وسفيان الثورى إلى آخر كلامه اعترض على المصنف بذكر أبى حنيفة مع المذكورين فإن من عدا أبا حنيفة يرى صحة المناولة وانها دون السماع وأما أبو حنيفة فلا يرى صحتها أصلا كما ذكره صاحب القنية فقال إذا أعطاه المحدث الكتاب وأجاز له ما فيه ولم يسمع ذلك ولم يعرفه فعند أبى حنيفة ومحمد لا يجوز روايته وعند أبى يوسف يجوز انتهى     قلت لم يكتف صاحب القنية فى نقله عن أبى حنيفة لعدم الصحة بكونه لم ويسمعه فقط بل زاد على ذلك بقوله ولم يعرفه فإن كان الضمير فى يعرفه عائدا على المجاز وهو الظاهر لتتفق الضمائر فمقتضاه أنه إذا عرف المجاز ما أجيز له أنه يصح بخلاف ما ذكر المعترض
193    أنه لا يرى صحتها أصلا وإن كان الضمير يعود على الشيخ المجيز فقد ذكر المصنف بعد هذا أن الشيخ إذا لم ينظر ويتحقق روايته لجميعه لا يجوز ولا يصح ثم استثنى ما إذا كان الطالب موثوقا بخبره فإنه يجوز الإعتماد عليه انتهى      وهذه الصورة لا يوافق على صحتها أبو حنيفة بل لابد أن يكون الشيخ حافظا لحديثه أو ممسكا لأصله وهو الذى صححه إمام الحرمين كما تقدم بل أطلق الآمدى النقل عن أبى حنيفة وأبى يوسف أن الإجازة غير صحيحة والله تعالى أعلم     ويجوز أن يكون أبو حنيفة وأبو يوسف إنما يمنعان صحة الإجازة الخالية عن المناولة فقد حكى القاضى عياض فى كتاب الإلماع عن كافة أهل النقل والآراء والتحقيق من أهل النظر القول بصحة المناولة المقروبة بالإجازة
200     القسم الثامن الوجادة         قوله روينا عن المعافى بن عمران أن المولدين فزعوا قولهم وجادة فيما أخذ من العلم من صحيفة من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة من تفريق العرب بين مصادر وجد للتمييز بين المعانى المختلفة يعنى قولهم وجد ضالته وجدانا ومطلوبه وجودا وفى الغضب موجدة وفى الغنى وجدا وفى الحب وجدا انتهى      ذكر المصنف خمسة مصادر مسموعة لوجد باختلاف معانيه وبقى عليه ثلاثة مصادر أحدها وجده فى الغضب وفى الغنى أيضا وفى المطلوب أيضا والثانى إجدان بكسر الهمزة فى الضالة وفى المطلوب أيضا حكاها صاحب المحكم فى الضالة فقط ووجد بكسر الواو فى الغنى واقتصر المصنف فى كل معنى من المعانى المذكورة على مصدر واحد وقد تقدم أن للضالة مصدرا آخر وهو إجدان وللمطلوب خمسة مصادر أخر وهى جدة كما تقدم ووجد بالفتح ووجد بالضم ووجدان وإجدان وللغضب ثلاثة مصارد أخر وجد بالفتح ووجدة ووجدان كما تقدم وللغنى مصدران آخران وجد بالكسر أيضا وجدة     قوله مثال الوجادة أن يقف على كتاب شخص فيه أحاديث يرويها بخطه ولم
201    يلقه أو لقيه ولكن لم يسمع منه ذلك الذى وجده بخطه ولا له منه إجازة ولا نحوها إلى آخر كلامه قلت اشتراط المصنف فى الوجادة أن يكون ذلك الشيخ الذى وجد ذلك الموجود بخطه لا إجازة له منه ليس بجيد ولذلك لم يذكره القاضى عياض فى حد الوجادة فى كتاب الإلماع وجرت عادة أهل الحديث باستعمال الوجادة مع الإجازة فيقول أحدهم وجدت بخط فلان وإجازه لى وكأن المصنف إنما أراد بيان الوجادة الخالية عن الإجازة هل هى مستند صحيح فى الرواية أو لا وحكى الخلاف فيه والله أعلم
205     النوع الخامس والعشرون فى كتابة الحديث
قوله يستحب فى الألفاظ المشكلة أن يكرر ضبطها بأن يضبطها فى متن الكتاب ثم يكتبها قبالة ذلك فى الحاشية مفردة مضبوطة انتهى     اقتصر المصنف على ذكر كتابة اللفظة المشكلة فى الحاشية مفردة مضبوطة ولم يتعرض لتقطيع حروفها وهو متداول بين أهل الضبط وفائدته ظهور شكل الحرف بكتابته مفردا كالنون والياء إذا وقعت فى أول الكلمة أو فى وسطها ونقله ابن دقيق العيد فى الاقتراح عن أهل الاتقان فقال ومن عادة المتقنين أن يبالغوا فى إيضاح المشكل فيفرقوا حروف الكلمة فى الحاشية ويضبطوها حرفا حرفا
206        قوله وسبيل الناس فى ضبطها أى الحروف المهملة مختلف فمنهم من يقلب النقط فيجعل النقط الذى فوق المعجمات تحت ما يشاكلها من المهملات فينقط تحت الراء والصاد والطاء والعين ونحوها من المهملات انتهى      أطلق المصنف فى هذه العلامة قلب النقط العلوية فى المعجمات إلى أسفل المهملات وتبع فى ذلك القاضى عياضا ولابد من استثناء الحاء المهملة لأنها لو نقطت من أسفل صارت جيما     قوله وهناك من العلامات ما هو موجود فى كثير من الكتب القديمة
207    ولا يفطن له كثيرون كعلامة من يجعل فوق الحرف المهمل خطا صغيرا انتهى      اقتصر المصنف فى هذه العلامة على جعل خط صغير فوق الحرف المهمل وترك فيه زيادة ذكرها القاضى عياض فى الإلماع فحكى عن بعض أهل المشرق أنه يعلم فوق الحرف المهمل بخط صغير يشبه النبرة فحذف المصنف منه ذكر النبرة والمصنف إنما أخذ ضبط الحروف المهملة بهذه العلامات من الإلماع للقاضى عياض وإذا كان كذلك فحذفه لقوله يشبه النبرة يخرج هذه العلامة عن صفتها فإن النبرة هى الهمزة كما قال الجوهرى وصاحب المحكم ومقتضى كلام المصنف أنها كالنصبة لا كالهمزة والله أعلم     قوله يكره له فى مثل عبد الله بن فلان بن فلان أن يكتب عبد فى آخر سطر والباقى
208    فى أول السطر الآخر إلى آخر كلامه اقتصر المصنف فى هذا على الكراهة والذى ذكره الخطيب فى كتاب الجامع امتناع ذلك فإنه روى فيه عن أبى عبد الله بن بطة أنه قال هذا كله غلط قبيح فيجب على الكاتب أن يتوقاه ويتأمله ويتحفظ منه قال الخطيب وهذا الذى ذكره أبو عبد الله صحيح فيجب اجتنابه انتهى     واقتصر ابن دقيق العيد فى الاقتراح على جعل ذلك من الآداب لا من الواجبات والله أعلم
209       قوله وروينا عن الشافعى الإمام وعن يحيى بن كثير قالا من كتب ولم يعارض كمن دخل الخلاء ولم يستنج انتهى
210    هكذا ذكره المصنف عن الشافعى وإنما هو معروف عن الأوزاعى وعن يحيى بن أبى كثير وقد رواه عن الأوزاعى أبو عمر بن عبد البر فى كتاب جامع بيان العلم من رواية بقية عن الأوزاعى ومن طريق ابن عبد البر رواه القاضى عياض فى كتاب الإلماع بإسناده ومنه يأخذ المصنف كثيرا وكأنه سبق قلمه من الأوزاعى إلى الشافعى وأما قول يحيى بن أبى كثير فرواه ابن عبد البر أيضا والخطيب فى كتاب الكفاية وفى كتاب الجامع من رواية أبان بن يزيد عن يحيى بن أبى كثير ولم أر لهذا ذكرا عن الشافعى فى شئ من الكتب المصنفة فى علوم الحديث ولا فى شئ من مناقب الشافعى والله أعلم
214        قوله قلت ولأنها لما كانت على كلام فيه خلل أشبهت الضبة التى تجعل على كسر أو خلل فاستعير لها اسمها ومثل ذلك غير مستنكر فى باب الإستعارات انتهى      قلت وفى هذا نظر وبعد من حيث أن ضبة القدح وضعت جبرا للكسر والضبة على المكتوب ليست جابرة وإنما جعلت علامة على المكان المغلق وجهه المستبهم أمره فهى بضبة الباب أشبه كما تقدم نقل المصنف له عن أبى القاسم بن الاقليلى وقد حكاه أبو القاسم هذا عن شيوخه من أهل الأدب كما وجدته فى كلامه وحكاه القاضى عياض فى الإلماع فقال من أهل المغرب بدل قوله من أهل الأدب والمذكور فى كلام أبى القاسم ما ذكرته والله أعلم     قوله ويسمى ذلك الشق أيضا انتهى
216        الشق بفتح الشين المعجمة وتشديد القاف وهذا الاصطلاح لا يعرفه أهل المشرق ولم يذكره الخطيب فى الجامع ولا فى الكفاية وهو اصطلاح لأهل المغرب وذكره القاضى عياض فى الإلماع ومنه أخذه المصنف وكأنه مأخوذ من الشق وهو الصدع أو من شق العصا وهو التفريق فكأنه فرق بين الكلمة الزائدة وبين ما قبلها وبعدها من الصحيح الثابت بالضرب عليها والله أعلم     ويوجد فى بعض نسخ علوم الحديث النشق بزيادة نون مفتوحة فى أوله وسكون الشين فإن لم يكن تصحيفا وتغييرا من النساخ فكأنه مأخوذ من نشق الظبى فى حبالته إذا علق فيها فكأنه إبطال لحركة الكلمة وإهمالها بجعلها فى صورة وثاق يمنعها من التصرف والله أعلم
222     النوع السادس والعشرون فى صفة رواية الحديث وشرط أدائه وما يتعلق بذلك
قوله إذا سمع كتابا ثم أراد روايته من نسخة ليس فيها سماعه ولا هى مقابلة بنسخة سماعه غير أنه سمع منها على شيخه لم يجز له ذلك قطع به الإمام أبو نصر الصباغ الفقيه فيما بلغنا عنه إلى آخر كلامه وقد اعترض عليه بأنه ذكر فى النوع الذى قبله أن الخطيب والاسفرائينى جوزا الرواية من كتاب لم يقابل أصلا ولم ينكره الشيخ بل أقره انتهى     قلت الصورة التى تقدمت هى فيما إذا نقل كتابه من الأصل فإن الخطيب شرط فى ذلك أن يكون نسخته نقلت من الأصل وأن يبين عند الرواية أنه لم يعارض وزاد ابن الصلاح على ذلك شرطا آخر وهو أن يكون ناقل النسخة من الأصل غير سقيم النقل بل صحيح النقل قليل السقط وأما الصورة التى فى هذا النوع فإن الراوى منها ليس على ثقة من موافقتها للأصل وقد أشار المصنف هنا إلى التعليل بذلك فقال إذ لا يؤمن أن يكون فيها زوايد ليست فى نسخة سماعه والله أعلم
235        قوله جرت العادة بحذف قال ونحوه فيما بين رجال الإسناد خطا ولابد من ذكره حال القراءة لفظا انتهى     هكذا قال المصنف هنا إنه لابد من النطق بقال لفظا ومقتضاه أنه لا يصح السماع بدونها وخالف المصنف ذلك فى الفتاوى فإنه سئل فيها عن ترك القارى قال فقال هذا خطأ من فاعله والأظهر أنه لا يبطل السماع به لأن حذف القول جائز اختصارا جاء به القرآن العظيم وكذا قال النووى في التقريب والتيسير تركها خطأ والظاهر صحة السماع والله أعلم
239        قوله الظاهر أنه لا يجوز تغيير عن النبى إلى عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وكذا بالعكس وإن جازت الرواية بالمعنى فإن شرط ذلك أن لا يختلف المعنى والمعنى فى هذا مختلف انتهى     وفيه نظر من حيث أن المعنى لا يختلف فى نسبة الحديث لقائله بأى وصف وصف من تعريفه بالنبى أو رسول الله  صلى الله عليه وسلم أو نحو ذلك فإن اختلف مدلول لفظ النبى والرسول فليس المقصود هنا بيان وصفه إنما المراد تعريف القائل بأى وصف عرف به واشتهر وأما ما استدل به بعض من اختصر كتاب ابن الصلاح على منع ذلك
240    من حديث البراء بن عازب فى الصحيح حين علمه  صلى الله عليه وسلم  ما يدعو به عند النوم من قوله    آمنت بكتابك الذى أنزلت ونبيك الذى أرسلت    فقال البراء يستذكرهن وبرسولك الذى أرسلت فقال  صلى الله عليه وسلم لا قل ونبيك الذى أرسلت فليس فيه حجة على منع ذلك فى الرواية لأن ألفاظ الأذكار توقيفية فى تعيين اللفظ وتقدير الثواب وربما كان اللفظ سر ليس فى لفظ آخر يرادفه ولعله أراد الجمع بين وصفه بالنبوة والرسالة فى موضع واحد لا حرم أن النووى قال الصواب جوازه لأنه لا يختلف به هنا معنى والله أعلم
241       قوله إذا سمع بعض حديث من شيخ وبعضه من شيخ آخر فخلطه ولم يميزه وعزى الحديث جملة إليهما مبينا أن عن أحدهما بعضه وعن الآخر بعضه فذلك جايز كما فعل الزهرى فى حديث الإفك فذكره ثم قال وغير جائز لأحد بعد اختلاط ذلك أن يسقط ذكر أحد
242    الراويين ويروى الحديث عن الآخر وحده إلى آخر كلامه وقد اعترض عليه بأن البخارى أسقط ذكر أحد شيخيه أو شيوخه فى مثل هذه الصورة واقتصر على ذكر شيخ واحد فقال فى كتاب الرقاق من صحيحه فى باب كيف كان عيش النبى  صلى الله عليه وسلم  وأصحابه وتخليهم من الدنيا حدثنى أبو نعيم بنصف من هذا الحديث حدثنا عمر بن ذر حدثنا مجاهد أن أبا هريرة كان يقول آلله الذى لا إله إلا هو إن كنت لاعتمد بكبدى على الأرض من الجوع الحديث انتهى      والجواب أن الممتنع إنما هو إسقاط بعض شيوخه وإيراد جميع الحديث عن بعضهم لأنه حينئذ يكون قد حدث عن المذكور ببعض ما لم يسمعه منه فأما إذا بين أنه لم يسمع منه إلا بعض الحديث كما فعل البخارى هنا فليس بممتنع وقد بين البخارى فى موضع آخر من صحيحه القدر الذى سمعه من أبى نعيم من هذا الحديث أو بعض ما سمعه منه فقال فى كتاب الاستئذان حدثنا أبو نعيم حدثنا عمر بن ذر ح وحدثنا محمد بن مقاتل أنبأنا عبد الله أنبأنا عمر بن ذر أنبأنا مجاهد عن أبى هريرة رضى الله عنه قال    دخلت مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم فوجد لبنا فى قدح فقال أبا هر ألحق الصفة أهل فادعهم إلى قال فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فدخلوا    انتهى     فهذا هو بعض حديث أبى نعيم الذى ذكره فى الرقاق وأما بقية الحديث فيتحمل أن البخارى أخذه من كتاب أبى نعيم وجادة أو إجازة له سمعه من شيخ آخر غير أبى نعيم أما محمد بن مقاتل الذى روى عنه فى الاستئذان بعضه أو غيره ولم يبين ذلك بل اقتصر على اتصال بعض الحديث من غير بيان ولكن ما من قطعة منه إلا وهى محتملة لأنها غير متصلة بالسماع إلا القطعة التى صرح البخارى فى الاستيذان باتصالها والله أعلم
247     النوع السابع والعشرون معرفه آداب المحدث
قوله وأما من لم يسمع إلا لفظ المستملى فليس يستفيد بذلك جواز روايته لذلك عن المملى مطلقا من غير بيان الحال فيه وفى هذا كلام قد تقدم فى النوع الرابع والعشرين انتهى     والذى قدمه هناك أنه حكى هناك قولين أحدهما الجواز والثانى المنع وقال إن الأول بعيد فاقتضى كلامه هناك رجحان الامتناع والصواب كما قدمته هناك أنه إن كان المملى
248    يسمع لفظ المستملى فحكم حكم القارئ وعلى الشيخ فيجوز لسامع المستملى أن يرويه عن المملى لكن لا يجوز أن يقول سمعت ولا أخبرنى فلان املاء إنما يجوز ذلك لمن سمع لفظ المملى ويجوز أن يقول أنبأنا فلان ويطلق ذلك على الصحيح وهل يجوز أن يقيد ذلك بقوله قراءة عليه تحتمل أن يقال بالجواز لأن المستملى كالقارئ على الشيخ ويحمل أن لا يجوز ذلك لأن موضوع المستملى تبليغ ألفاظ الشيخ وليس قصده القراءة على الشيخ الأول أظهر كما تقدم هناك والله أعلم     قوله أو نسبة إلى أم عرف بها كيعلى بن منية الصحابى وهو ابن أمية ومنية أمه وقيل جدته أم أبيه انتهى
249        رجح المصنف هنا أن منية أم يعلى واقتصر فى النوع السابع والخمسين على كونها جدته وحكاه عن الزبير بن بكار وأنها جدته أم أبيه وما قاله الزبير هو الذى حزم به أبو نصر بن ماكولا ولكن قال ابن عبد البر لم يصب الزبير انتهى      والذى ذكره الطبرى ورجحه أبو الحجاج المزى أنها أم يعلى لا جدته فما رجحه المصنف وهو الراجح والله أعلم     قوله وإذا نجز الإملاء فلا غناء عن مقابلته واتقانه انتهى
250        هكذا ذكره المصنف هنا أنه لاغناء عن مقابلة الإملاء وتقدم فى كلامه فى النوع الخامس والعشرين الترخص فى الرواية من نسخة غير قابلة بشروط ثلاثة فيحتمل أن يكون كلامه هنا محمولا على ما تقدم هناك ويحتمل أن يفرق بين النسخ من أصل السماع والنسخ من إملاء الشيخ حفظا لأن الحفظ يخون فربما تذكر الشيخ عند المعارضة ما لعله سبق إلى لفظه والله أعلم      قوله نجز هو بكسر الجيم على المشور وبه جزم الجوهرى فقال نجز الشئ بالكسر ينجز نجزا أى انقضى وفنى انتهى     وهذا هو الذى قيد عن المصنف فى حاشية علوم الحديث حين قرئ عليه والذى صدر به صاحب المحكم كلامه بالفتح فقال نجز الكلام بالفتح انقطع ونجز الوعد ينجز نجزا حضر قال وقد يقال نجز قال ابن السكيت كأن نجز فنى وكأن نجز قضى حاجته انتهى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق